للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفق أنه دخل شهر رمضان المعظم ولم يروا أحدا منهم صام؛ بل رأوا أكثرهم مفطرين، فخاطب الأمراء السلطان فى ذلك وقالوا: ينبغى أن يخاطب هؤلاء فى الإسلام ويتعلمون شرائع الدين، ولا يمكن أن هؤلاء فى بلاد الإسلام وفى مملكة مصر على غير دين الإسلام، فلم يرجع إلى شئ من كلامهم، فقال: لا يشوش أحد عليهم، فخلّوهم يكونون على دينهم.

فوجد الأمراء من ذلك أمرا عظيما مع تطاول مماليكه وحاشيته عليهم، وعلى الناس من كثرة المظالم والحمايات، مع ما اتفق من الغلاء والوباء، فاتفق الأمراء فيما بينهم على عزله من الملك، ولم يجدوا لذلك سبيلا غير أن يشيروا عليه بخروجه إلى السفر ليحصل لهم الغرض، فأخذوا معه فى ذلك، وحسنوا له الخروج لافتقاد أمور البلاد والعباد، وعرض العساكر ونواب القلاع، ولتكون أيضا سمعة فى بلاد العدو أن السلطان قد خرج ومعه العساكر، وأيضا يحصل التخفيف فى الديار المصرية من العساكر.

فأجابهم إلى ذلك، وخرج فى العشر الأخير من شوال (١) من هذه السنة، فقدم دمشق يوم السبت نصف ذى القعدة، ودخلها والأمير بدر الدين بيسرى حامل الجتر على رأسه.

قال صاحب النزهة: وخرج نائب الشام إلى ملتقاه، ولم يجد أهل الشام محتفلين له كعادة الملوك المتقدمة عند دخولهم، فطلب الوالى وأمره أن يخرج أهل دمشق إلى الملاقاة، ويوقدوا الشمع، ويظهروا الفرح بقدوم السلطان،


(١) «فى يوم السبت سابع عشر شوال» - السلوك ج‍ ١ ص ٨١٦ تاريخ، ابن الفرات ج‍ ٨ ص ٢١٢، النجوم الزاهرة ج‍ ٨ ص ٦١، كنز الدرر ج‍ ٨ ص ٣٦٥.
وورد ذكر خروج السلطان إلى الشام، وما تلاه من أحداث فى بداية حوادث سنة ٦٩٦ هـ‍ فى التحفة الملوكية ص ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>