بأن بعض أولاد الأمراء فى بستان ومعه فلانة، وكان يبلغه عنها من اللطف والطرافة والملاحة، وصبر إلى الليل وركب وحده ومعه مملوك صغير فجاء ودخل عليهم، فلما رأوه وجموا منه وخافوا، فقال لهم: لا تخافوا، وأسهم فى الحديث وشرب معهم، ورأى من تلك المرأة أكثر مما وصفوه له عنها، فلما أراد أن يقوم قامت تلك المرأة فدخلت إلى مكان وخلعت جميع ما عليها من الحلى والفصوص وغيرها وجمعت الجميع فى منديل وخرجت إليه فوضعته بين يديه واعتذرت أن الأمير حضر عندنا على غفلة، وهذا يكون عندك على سبيل الرهن إلى حين أحضر إلى خدمتك ومعى ما يصلح لضيافتك، فلحقه من ذلك خجل وحياء، وجعل يحلف إلى أن قامت فكشفت رأسها وحلف صاحب المجلس بالطلاق، فعند ذلك أخذه وخرج من عندهم، وأقام على ذلك مدة لم يحضر إليه أحد، ثم أنه طلب بعض الصاغة وقال له: قوّم ما فى هذه الأشياء من الذهب والفضة، فأخذ الصائغ فى النظر إليها، ثم قال له يا خوند: هذا جميعه زغل معمول من الرصاص قد أطلى بالذهب والفضة، فتعجب الأمير من ذلك ودهش وردّه إلى مكانه، وبقى متفكرا فى هذه الحيلة من تلك المرأة، فحنق عليها وقال:
ما لهذه إذا وقعت إلا أن تهتك، ولا آمن بعد هذا امرأة، فمضى على هذا بعض الأيام، ثم أنه ذات يوم كان جالسا؛ فإذا خادم له قد دخل عليه وقال له: إن على الباب امرأة محتشمة ومعها خادم وهى تريد أن تجتمع بالأمير، فأذن لها بالدخول فدخلت وعليها آثار الحشمة، فأجلسها وقال لها: لعل حاجة، فأخرجت كيسا فيه ثلاثمائة دينار، وقالت يا خوند: عندك رهن، وقد أحضرت المبلغ الذى عليه، فعرف الأمير فى ذلك الوقت أنها تلك المرأة التى عملت ما عملت،