الأمراء المقيمون بمصر فى تجهيز الملاقاة، وشاوروا طقجى وكرجى فى ذلك.
فقال كرجى: نحن ما عندنا أحد ينزل إلى ملتقى أحد، وكل واحد منهم يدخل إلى بيته، ثم إذا أصبح يطلع إلى قلعة السلطان ويلبس خلعته، ثم يروح إلى بيته وبعد ذلك ندبر ما نفعله، فقامت الأمراء على ذلك وتفرقوا.
ثم اجتمع الأمير سيف الدين كرد الحاجب بالأمير حسام الدين الأستاذدار، وقال: هذا الذى اتفقت الأمراء عليه لا ينفع، ولما يتم لنا أمر ما دام طقجى وكرجى فى القلعة، والرأى أن تعلم الأمراء أنهم إذا طلعوا خدمة القصر يوسعون الحيلة فى الحكم عليهما بالنزول والملاقاة بالأمراء القادمين، فأرسلا لكل أمير مملوكا وأعلما بذلك.
فلما اجتمعوا فى القلعة لخدمة القصر شرع الأمير جمال الدين قتال السبع وحسام الدين الأستاذدار وطغريل البوغاى وتحدثوا مع طقجى وكرحى وقالوا:
هذا الأمير بدر الدين أمير سلاح رجل كبير، وأتابك عسكر مصر، وقديم الهجرة، وكان فى الغزاة مع العدوّ، وقد أثر فيهم آثارا حسنة، وفتح إحدى عشرة قلعة، وله مدة سنة ونصف غائبا هو ومن معه، فيدخلون مصر ولا يجدون أحدا لاقاهم ولا التفت إليهم ولو كان السلطان فى الحياة خرج بنفسه فالتقاه فأكرمه، ووافقهم سائر الأمراء فى هذا الحديث، ولم يبق أحد حتى قال: والله هذا هو المصلحة، وكرجى لا يلتفت إلى سماع ما يقولون، ثم قال: لا ينزل أحد منا إليهم، فإن أردتم أنتم انزلوا ولاقوهم فإنهم خشداشيتكم، وطال شرح الكلام بينهم إلى أن استحى الأمير طقجى وقال لكرجى: قول الأمراء على هذا الوجه هو الصواب، وأنا أركب صحبة الأمراء ومماليك السلطان معى، وتركب بقية العسكر وحدهم،