كتاب عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان [648 - 712 هـ]

سنة ٦٩٩ - ذكر ما جرى فى دمشق بعد انهزام الجيش - ج: 4 - ص: 38

النورية (١)، والعادلية الصغيرة (٢) وما جاورها، وأحرقت القيمارية (٣) وما جاورها إلى دار السعادة إلى المارستان النورى، ومن الجهة الأخرى إلى المدرسة الدماغية (٤) إلى باب الفرج، وأحاطت التتار بالقلعة من جميع الجهات (٥)، وبقيت الأماكن موحشة لا يجسر أحد أن يمرّ بها، ولم تبق حارة ولا محلة إلا وقد دخلها التتار ونهبوها، واختفى الناس، وكان الرجل إذا حصلت له حاجة يخرج فى أثواب رثّة وهو خائف وجل، ثم عاد مسرعا، ولم يكن يصلى فى الجامع خلف الإمام إلا رجل أو رجلان، والتتار منتشرون فيه لأجل حفظ المناجيق، وشربوا فى الجامع الخمور، وانتهكوا حرمته، وفجروا فيه بالنساء، ونجسوه بالبول، وامتنع الناس من حضور الجمعة خوفا على أنفسهم، والأمر فى المصادرة والجباية حثيثا لم يعف عنه أحد لا غنى ولا فقير.

وحصّل لشيخ الشيوخ من البراطيل فوق الثلاثين ألف دينار، وكان لا يزال الدبوس على كتفه، ويفخم كلامه، ولم يكن فيه شئ من أخلاق المشايخ،

---

(١) دار الحديث النورية بدمشق: أنشأها الملك العادل نور الدين محمود بن زنكى، المتوفى سنة ٥٦٩ هـ‍/ ١١٧٣ م، وهو أول من بنى دارا للحديث - الدارس ج‍ ١ ص ٩٩.
(٢) المدرسة العادلية الصغرى بدمشق: داخل باب الفرج شرقى باب القلعة الشرقى، أنشأتها زهرة خاتون بنت الملك العادل أبو بكر بن أيوب - الدارس ج‍ ١ ص ٣٦٨.
(٣) المدرسة القيمرية بدمشق: بسوق الحريميين بدمشق، أنشأها الأمير ناصر الدين الحسين ابن على القيمرى، المتوفى سنة ٦٦٥ هـ‍/ ١٢٦٦ م - الدارس ج‍ ١ ص ٤٤١.
(٤) المدرسة الدماغية بدمشق: داخل باب الفرج، وهى قبلى وشرقى الطريق الآخذ إلى باب القلعة الشرقى، وهذا الطريق بينها وبين الخندق، أنشأتها زوجة شجاع الدين بن الدماغ العادلى سنة ٦٣٨ هـ‍/ ١٢٤٠ م - الدارس ج‍ ١ ص ٢٣٦.
(٥) «وأخذ أرجواش فى هدم ما حول القلعة من العمائر والبيوت، وصيروها دكا لئلا يستتر العدو فى المنازلة بجدرانها، فأحرق ذلك كله» - السلوك ج‍ ١ ص ٨٩٣، وانظر ما يلى.