السلطان أن يلبس سائر الجيش الكلوتات الزركش والطرازات الذهب، وأن يلبسوا أفخر ما عندهم، ورتبوا من باب القلعة إلى داخل الإيوان صفّين، فدخلوا، وكان دخولهم فى النصف من ذى القعدة (١)، فلما وصلوا إلى مجلس السلطان رأوا ما أذهلهم من الحشمة والهيبة، ورأوا عسكرا كأنهم خلقوا من حسن ومهابة وجمال، وهم صور حسان ووجوه جميلة، وباسوا الأرض، واعطوا ما معهم من الكتب.
واجتمعت الأمراء، وقرئت الكتب بحضورهم، وفهموا ما فيها، ثم أنهم شافهوا السلطان بما حملهم قازان، فذكرها السلطان للأمراء، وأمر السلطان بإكرامهم واحترامهم، وأنزلوهم فى أحسن [٢٤٣] منزلة، ورتبوا لهم الرواتب السنية، ثم اجتمعت الأمراء بعد ذلك فتشاوروا فيما بينهم عند السلطان، وطلبوا كاتب السر وأمروه أن يكتب الجواب عن سائر الفصول التى يتضمنها كتاب قازان.
وقال القاضى شرف الدين بن الوحيد فى تاريخه: لما حضر الرسل من جهة قازان استحضرهم السلطان فى الليل، فلما وقعوا بين يديه أحسن إليهم وقربهم منه، ولما رأى قاضى الموصل ذلك خطب خطبة بليغة وذكر آيات فى فى معنى الصلح بين الفريقين، واتفاق الملكين والعسكرين، ثم بسط يده ودعى لمولانا السلطان، ثم بعده لمحمود قازان، ثم أوضح الرسالة التى بيده وأعاد الكلام فى معنى الصلح وقال: ودفع الكتاب للسلطان وهو مختوم بغير عنوان، فلم يفتحه السلطان فى تلك الليلة، ورسم بإعادة الرسل إلى مكانهم، ولما كانت
(١) «ليلة الإثنين خامس عشر ذى الحجة» - فى كنز الدرر ج ٩ ص ٥٢.