للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى يوم الإثنين الرابع من رمضان: رجع الناس من الكسوة، ودخل ابن تيمية وأصحابه البلد، ففرح الناس به ودعوا له، وذلك لأنه ندب العسكر الشامى إلى أن يسير إلى ناحية السلطان، وحرّض السلطان وبشره وجعل يحلف له بالله الذى لا إله إلا هو إنكم منصورون عليهم فى هذه الكرة، ويقول: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا، وأفتى للناس بالفطر يومئذ، وكان يدور على الأطلاب فيأكل من شئ معه من يده فيأكل الناس ويناول فى الشاميين قوله عليه السلام: (إنكم تلاقوا العدو غدا والفطر أقوى لكم (١)، يعزم عليهم فى الفطر عام الفتح، كما فى حديث أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه.

وأما السلطان فإنه رجع مع الأمراء إلى مكان الوقعة، فوجدوا المجاهدين قد ملأوا تلك الأرض، وهم بين تلك الأحجار مطروحين، وكل من رأوه وجدوه مستقبل القبلة، وسبابته تشير بالشهادة، ووجهه يتقد نورا، فكأنه فى حال الحياة، وكل من رأوا من قتلى المغل وجدوه ملقى على وجهه، ثم أمر السلطان بأن يروح بدر الدين الفتاح مبشرا إلى مصر، وكتب معه كتاب البشارة، وكان النائب فى مصر عز الدين البغدادى، وكتب إلى غزة أيضا بالبشارة، وأمر النائب فيها أن لا يمكن أحدا من المنهزمين من التوجه إلى مصر،


(١) قال أبو سعيد الخدرى: خرجنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى رمضان عام الفتح، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ونصوم، حتى بلغ منزلا من المنازل فقال: «إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم»، فأصبحنا منا الصائم ومنا المفطر، قال: ثم سرنا فنزلنا منزلا فقال: «إنكم تصبحون عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا»، فكانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر سنن أبى داود ج‍ ٢ ص ٣٢٨ كتاب الصوم - باب الصوم فى السفر حديث رقم ٢٤٠٦.
وانظر أيضا البداية والنهاية ج‍ ١٤ ص ١٤ ص ٢٥ - ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>