وتباكز، وجماعة آخرون من الأمراء، وسألوه أن يقبل شفاعتهم، وتولى ناصر الدين الوزارة إلى أن يحضر الأمير من الحجاز، فإذا حضر بخير وسلامة ووجده قد حصل من الأموال ما يرضيه يبقيه وإلا فعل فيه ما يختاره، فقام برلغى وباس يده، وكذلك الجوكندار، وساعدتهما الأمراء الحاضرون ممن كان يتعصب لناصر الدين، فعلم الأمير سلاّر أنه لا يمكن ردّ كلامهم، ولا يفيد التعلل بعد وقوف هؤلاء، فأجاب إلى سؤالهم ورسم بكتابة توقيعه، وأحضروه، وباس يده، وما جاء آخر النهار حتى كتب التوقيع (١)، وفصّلت له الخلعة، ولما أحضروا توقيعه قام الأمير سيف الدين برلغى وأخذ الدواة، [٢٢٣] وأخذ الأمير بكتمر الجوكندار المرملة، والأمير سلار ينظر إليهم وهم معتنون بأمره، ولكن قلبه يكره ذلك، فعلم على توقيعه وألبسوه الخلعة، وحضر ليبوس يده، فالتفت إليه والأمراء حاضرون وقال له: اسمع يا ناصر الدين أنا أقول لك قدام هؤلاء الأمراء: تعرف أش كنت وأين وصلت؟ وما أوصلك إلى هذه المنزلة سيفك ولا رمحك ولا فروسيتك؟ وإنما أوصلك شطارتك ومعرفتك وأمانتك، وأنا ما يمكننى أن أخالف هؤلاء، وإياك إذا حضرت من الحجاز أسمع عنك أنك ظلمت أحدا من الرعيّة، أو جددت ظلما، أو أحدثت حادثا، أو خنت فى مال السلطان، فأسلخ جسد جنبك بالمقارع. فقال: يا خوند: ما يكون إلا ما يبيّض وجهى عندك، وباس يده وخرج من عنده، وهو طائر من فرحه بما نال، وما علم أن ليس لارتقاء هذه الدرجة بقاء، ويصير ذلك التنعم إلى شقاء، وكل من تعدى درجته سقط، ومن استعلى على أبناء جنسه هبط.
(١) «يوم الإثنين سابع عشر شوال» - فى كنز الدرر ج ٩ ص ١١٣.