والتجار، فلم يصل شئ، وغرقت مراكب كثيرة، فتخبطت أحوال الناس، وغلت الأسعار، ثم عند رحيلهم إلى وادى النار لفح الناس هواء بسموم، فهلك خلق كثير، ونشفت قربهم حتى صارت كالقدّ من اليبس، ولم يجدوا فى الوجه ماء إلا قليلا، ولفح الناس هواء أيضا، فكان الركاب يقعون من الجمال موتى، وأما المشاة فإن أكثرهم ماتوا، وبعضهم أنقطعوا، وهرب المقومون، وقاست الناس شدة عظيمة، وتاه ركبّ الأمير يعقوب بدليله، فانقطعت منه جماعة كثيرة وماتوا، واشتد الغلاء إلى أن بيعت الويبة من الشعير بأربعين درهما، والويبة من الدقيق بستين درهما، والبقسماطة بإثنى عشر درهما، وكانت سنة شديدة، وسمت الناس تلك السنة سنة راعم (١)، وبلغ الخبر مع المبشرين إلى الأمير سيف الدين سلار وبقية الأمراء، فجهزوا للحاج من الأمراء ولغيرهم الإقامات والجمال [٣٤٦] بالأحمال، واستقبلوا الحاج بالشعير إلى قريب ينبع بجمال العرب، وبالدقيق وغيره إلى عيون القصب وعقبة، وأرسلوا إلى نائب غزة أن يجلب للناس الزيت والعسل وغير ذلك، فألزم نائب غزة تجارا كثيرين بذلك، وحضرت أيضا جماعة إلى العقبة من الكرك والشوبك ومعهم أصناف كثيرة، وحصل للناس بذلك رفق عظيم.
وفيها: كان وفاء النيل على سبعة عشر ذراعا وثمانية عشر إصبعا.
وفيها: حج بالناس عز الدين أيبك الخزندار المنصورى أمير الركب المصرى كما ذكرناه، وحج بالركب الشامى الأمير ركن الدين بيبرس المعروف بجالق، ومعه سيف الدين جوبان المنصورى.