للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان التتار المجرّدون ببلد سيس قد علموا بهم، وكمنوا لهم فى موضع مخرجهم، فلما رجعوا ونزلوا بأثناء الطريق خرجوا إليهم وصالوا عليهم، ودهموهم بغتة: ولما اقتتلوا قتل من المسلمين جماعة، وأسر الأمراء الأربعة المذكورين (١)، وجماعة من الجند وأرسلوهم إلى الأردو.

فلما جرت هذه الواقعة استشعر صاحب سيس الخور، وتحقق وقوعه فى الغرر، وأيقن أنه من السطوات الشريفة على خطر، فأرسل إلى الأمير شمس الدين قراسنقر رسلا يبدى الطاعة، ويذكر الإنابة، والقيام بما عليه من القطيعة، ويسأل الصفح والإغضاء والمسامحة والإعفاء، فوردت كتب المشار إليه إلى الأبواب العالية يعرض ذلك على الآراء الشريفة ويذكر ما التمسه المذكور ويستأذن فى هذه الأمور، فاقتضى الحال أن يجرّد عسكرا إلى حلب، ويكتب لصاحب سيس بأنه أجيب إلى ما طلب، فإن حقق قوله بفعله وحمل ما جرت عادته بحمله أعفى من الإغارة وكفى من الاستثارة، وإن سوف وتوقف كانت الجيوش قريبة من إرهاقه متمكنة من خناقه.

قال الراوى: فجرد أربعة آلاف فارس وجماعة من الأمراء والمقدّمين وأصحاب الطبلخانات والمئين صحبة الأمير بدر الدين بكتاش الفخرى أمير سلاح.

قال بيبرس فى تاريخه: وكنت فى المجردين، فرسم لى بالحديث معه فى تقدمة العسكر، وتدبير أحوال التجريد، وتلقى الوارد والصادر من البريد (٢)، لأن


(١) «وخلص قشتمر مقدم العسكر، وآقسنقر الفارسى»، فى السلوك ج‍ ٢ ص ١٦.
«وأسر هؤلاء الأمراء الثلاثة وأرسلوا الى الأردوا، وعاد قشتمر مملوك قراسنقر ومن معه الى حلب» - التحفة الملوكية ص ١٧٧.
(٢) «وأنا معه متحدثا فى التجريد مخاطبا للبريد» - التحفة الملوكية ص ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>