فرمى كلتمر على نوبر شاه - زعيمهم - فأصاب نحره، وخرج من ظهره، ثم ولّى فصوّب نوبر شاه رمحه إليه - وهو فى ألم شديد مشرف على الموت - وطعنه بين كتفيه. فخرج الرمح من صدره، فوقع كلاهما، فولّى هذا إلى الجنة، وذاك إلى النار.
فلما نظر جوبان إلى ذلك أظلمت الدنيا فى عينيه، وصرخ فيمن معه من التتار [٣٨٢]، وضربوا عليهم حلقة، وشرعوا فى الحرب، فلله در العجم، لقد قاتلوا قتال الموت، وجعلوا الآخرة نصب أعينهم، وما أمسى الليل إلاّ والقوم صرعى على وجه الأرض، ولم يسلم منهم أحد. فأمر جوبان بأن تحز رؤوسهم، وبات تلك الليلة فى مكان الوقعة.
ولما أصبحوا رحلوا طالبين خربندا، فلمّا وصلوا، ومعهم رؤوس هؤلاء، فرح خربندا فرحا عظيما بذلك الثأر، وخلع على جوبان، وولاّه موضع قطلوشاه، وجعله صاحب المشورة والتدبير.
وكان ذلك الوقت مستهل الشتاء، فأعطى خربندا الأمراء دستورا ليروح كل أمير إلى مشتاه، ويتجهز، فإذا خرج الشتاء يجتمعون ليسير بهم خربندا إلى كيلان، وسار خربندا أيضا إلى مشتاه، وهو موضع يسمى موغاى.
وفى أول الربيع رجع إلى تبريز، وأمر بحضور العساكر، وكتب إلى جبال الأكراد يأمرهم بالحضور، فحضرت أمراء الأكراد، ومعهم خلق عظيم، ولم يخلّ طائفة فى بلاده حتى سير خلفهم، فجمع خلقا لا يحصون.