للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعجب الزراع، فاهتزوا طربا، وتاهوا به عجبا وعجبا، فلما كان فى أواسط نيسان الموافق لشهر شوال من السنة العربيّة وبرمهات من السنة القبطية، وهو وقت كمال الغلّة وختامها، وحين نهايتها وتمامها، أرسل الله تعالى عليها ريحا زعزعا، فخفقت من الحّب ما كان ممرعا، فهاف أكثر الزروع وجف معظم الضروع، حتى ترك أكثرها فى الأرض بغير حصاد، وغالب الناس لم يستردّ ما بذر، وأكثرهم من خسر وانكسر، ولم يتحصل للأمراء وأصحاب الإقطاعات إلا النذر اليسير من الغلات، واحتسبوا بأكثرها بالمسامحات تخفيفا عن الفلاحين ورغبة فى العمارة والتوطين، فكان ذلك كما قال عز من قائل فى محكم تنزيله:

{إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ}.

إلى قوله {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (١). وتميزت أسعار الغلال حتى انتهى القمح إلى خمسين درهما الأردبّ، ثم انحط يسيرا بعد يسير بلطف المسهل كل عسير (٢).

وفيها: حج بالناس الأمير طغريل السلحدار الإيغانى، أميرا على الركب المصرىّ، وبالركب الشامى الأمير سيف الدين بلبان البدرى.


(١) آية رقم ٢٤ من سورة يونس رقم ١٠.
(٢) زبدة الفكرة (مخطوط) ج‍ ٩ ورقة ٢٥٣ أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>