للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمه أبو حَمُّو (١) فلم [نجد] (٢) منه إكرامًا، وأولانا غِلظة وإحجامًا، وكانت الأعراب قد اهتاجت ببلاد الغرب منذ [قتل] (٣) المريني، فسألنا ابن يغمراسن المذكور أن يُجهز معنا من يوصلنا إلى حد بلاده، فلم يعبأ بناء فكررنا عليه السؤال حتى جهز معنا ثلاثة أشخاص من العرب لا يغنون غناء، ولا يدفعون عناء.

فسرنا بالرغم، وتزودنا الغم، نتوقع الإيقاع، ولا نهتدي في تلك البقاع، وسارت صحبتنا الركبان إلى أن تجاوزنا تلمسان، فما تعديناها قليلًا، [ولا بُعدنا عنها] (٤) إلا ميلًا، حتى خرجت علينا طوائف من العربان كالجراد الناشر والسيل الجارف من عرب حُصين وغيرهم، فأحاطوا بالركب من كل جانب، على موضع يقال له المُديّه، فتمكنت هنا لكم الأذية، ووضعوا أيديهم في الرجال والنسوان، والرحال والركبان، فقاتلناهم ما استطعنا، ودافعناهم حتى اندفعنا، ونفذ ما في الجعاب من السهام، وكاد يدركنا الظلام، فأعيينا من الكفاح وجلاد الصفاح، وتمزق ذلك الركب [بين] (٥) مقتول ومنهوب ومطروح ومسلوب، وحَوَتْ العربان كلَّ ما كان معنا ومعهم (٦) من الأموال والخيل والبغال والدواب والجمال والكِسَى والنفقات، وتركونا في تلك [الصحراء] (٧) منبوذين بالعراء، قد أشْفينا من الظمأ، وليس فينا من يهتدى إلى الماء، فقصدنا شخصًا نازلًا بالقرب من تلك الأرض اسمه أبو بكر بن زَغْلى، فسرنا دون ثلاثة أيام حتى أشرفنا عليه، ودخلنا إليه، فأقمنا في مثواه ريثما استرجعنا رمقًا قليلًا، وارتدنا لنا دليلا، ثم سرنا من


(١) هو: موسى بن عثمان بن يغمراسن بن زيان، أبو حمو، وهو رابع سلاطين بني عبد الواد في تلمسان، قتل سنة ٧١٩ هـ/ ١٣١٩ م، تاريخ الدول الإسلامية ٦٠، تاريخ الجزائر العام ٢/ ١٤٤، المنهل الصافي ١٢/ ٣٢٠ رقم ٢٧٩٥.
(٢) يجد: في الأصل، والتصويب من زبدة الفكرة.
(٣) قليل: في الأصل والتصويب من زبدة الفكرة.
(٤) ولا بعد منها: في الأصل، والتصويب من زبدة الفكرة.
(٥) من: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٦) ومعهم: في هامش الأصل، ومنبه على موضعها بالمتن.
(٧) إضافة من زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>