للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلحدارية، وهم يسوقون الناس، فلما وصلوا [العَرَّادة] (١) طلب الأفرم أمير عمر وإذا به قد هرب وراح إلى الناصر، فسأل عنه، فقالوا: ما رأيناه من وقت طلعنا من عقبة المزّة، فانقطع الأفرم وابن صبح معه في أواخر الناس يسوقانهم، ولم يزالوا كذلك إلى أن وصلوا إلى شقيف أرنون، فسمع الأسد الميداني، وكان بقرية يقال لها: جرين، وكان هذا رجلًا عاقلًا، رأس اليمن، فقال لأصحابه: هذا الأفرم ما جاء هنا إلا وقد وصل السلطان الناصر إلى دمشق، وربما تبعه أمراء وعسكر فينكرون علينا إن مَكَّنَّاهم من العبور إلى الساحل، وكان الأسد يحكم على خمسة آلاف راجل، فاستدعى بأخيه عز الدين [وأولاد] (٢) عمه، وقال لهم: في هذه الساعة خذوا معكم ألف راجل وأمسكوا هذه الدروب، ولا تمكنوا أحدًا من العبور فيها، ولو جئت أنا، فأجابوه بالسمع والطاعة، ثم إنه أخذ معه تقادم وأغناما وسار يطلب الأفرم، فسمع الأفرم بقدوم الأسد الميداني، وتلقاه بأحسن ملتقى، ثم أجلسه إلى جانبه، فقدم هو ما معه، وقال له: يا أمير، طيب قلبك فما ينالك إلا الخير، وبعد أن وصلت إلى هذا الموضع ما بقى أحد يصل إليك، وأنا وأولاد عمي وعشرة آلاف راجل كلنا في خدمتك في هذه البلاد وبين يديك، فشكره الأفرم وطاب قلبه بذلك.

وقال ابن كثير: ركب الأفرم ومعه جماعة من أتباعه في السادس عشر من شعبان ومعه ابن صبح إلى شقيف أرنون (٣).

وقال بيبرس في تاريخه: ولما تحقق أقوش الأفرم قدوم الناصر بالعساكر الوافرة والأمداد المتظافرة فر من دمشق هاربًا واعتصم بجبال الشقيف لائذًا، ولو رشد لكان [بعفو] (٤) السلطان عائذًا.

شعر:


(١) العراد: في الأصل، والتصويب من معجم البلدان، وهي قرية على رأس تل شبه القلعة بين رأس عين ونصيبين، تنزلها القوافل.
(٢) وأولا: في الأصل، والتصويب يتفق مع السياق.
(٣) يراجع البداية والنهاية ١٨/ ٨٨.
(٤) يعفو: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>