للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجتماع العساكر إليه، وإطباقها عليه تقوية لعزائمهم وإنعاشًا لهممهم.

فسأل الأمير سيف الدين بكتمر السلاري وسيف الدين بكتمر الحاجب قائلًا: مَنْ هنا من مماليك الأمراء الذين نثق إليهم، ويُعول في المناصحة عليهم لنسيِّره إلى مصر في [هذا] (١) الأمر.

قال بيبرس: وكان لي بدمشق مملوك اسمه أيبك، مقيم منذ أعوام ببلاد الشام، فقالا له: إن ها هنا مملوكًا لفلان، يعنون به بيبرس الدوادار، فأمر به فأحضر بين يديه، وسلمت (٢) الملطفات الشريفة إليه، حفظها وأخفاها، وسار في تلك الأوقات المخيفة، فلما وصل إلى قطيا أُخذ وحُمل على البريد إلى القلعة، فسأله الركن الجاشنكير، يعني الملك المظفر، ما وراءه وما جاء به؟ فموه عليه، وقال: إن لي أيامًا في عجلون، ولما سمعت بتوجه السلطان حضرت إلى الديار المصرية إلى مخدومي، وبات ليلة جمعاء يسائله ويخايله، وهو على كلامه الأول لم تتغير أخباره ولم يتحول، فتمت الحجة، ووصلت الملطفات إلى أربابها، فنهضت عزائمهم وقويت هممهم، واتفقت آراؤهم على المهاجرة، واجتمعت على المبادرة، فسار الناس إلى الأبواب السلطانية (٣)، واضطربت أمور الجاشنكير، وتعكرت لجج أفكاره أي تعكير، وصار كل ما يبرمه من التدبير إيلاء إلى التدمير، فهو كما قيل:

إذا لم يكن عون من الله للفتى

فأكثر ما يجنى عليه اجتهاده

وهذا شجه الخلاف

وتّمَّرة عدم الإنصاف


(١) هذه: في الأصل.
(٢) وسلمت إليه: في الأصل، ثم تنبه الناسخ وشطب على كلمة: إليه.
(٣) ينظر التحفة الملوكية ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>