للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج من بقى في المدينة والعساكر طالبين [محمدهم] (١)، ودخلوا في دين طاعته أفواجًا، وأهرعوا إليه فُرادى وأزواجًا، وقطوا (٢) إليه المراحل تأويبًا، وإدلاجًا (٣)، وكيف لا يسعون إلى ملكهم وابن ملكهم وهو المعنى، بقول الشاعر:

أجرأ الورى إن صال، بل أعلاهم … إن طال، بل أوفاهم إن مالا

بمضائه وقضائه وعطائه … أمنوا الرَّدى والجور وإلا محالا (٤)

ولما فارق الجاشنكير القلعة، اهتم الأمير سيف الدين سلار بحفظها، ورتب [المماليك] (٥) السلطانية فيها، وأفرج عن الذين كان الركن سجنهم، وخَلَّص مَنْ كان في الاعتقال منهم، وكاتب السلطان يطالعه بما اتفق له من السعادة، والأمر جاء وفق الإرادة، وأرسل الطنبغا الجمدار، أحد مماليكه بذلك، وصَيَّح الداعون، ودعا المُصَيَّحون في القلعة باسم مولانا السلطان بكرة يوم الأربعاء السابع عشر من شهر رمضان، وخُطب له يوم الجمعة التاسع عشر منه على المنابر، فلم يكن في الناس إلا من يدعو بنصره ويتطرب لذكره، ويعلن بحمد الله تعالى فيه وشكره.

شعر:

قد نال بالحزم والتدبير ما عجزت … [عنه] (٦) الملوك بما نالوا وما جمعوا

وفاق أولهم عزمًا وآخرهم … فما رأوا مثله يومًا ولا سمعوا

ونصره الله بما قذفه من الرعب في قلوب أضداده، وأغناه بمناصرة ملائكته


(١) محمدونهم: في الأصل، والمقصود السلطان الملك الناصر محمد.
(٢) قطوا: جاءوا مسرعين، المحيط في اللغة.
(٣) الادلاج: سير الليل كله، المحيط في اللغة.
(٤) الإمحال: الجدب: المحيط في اللغة.
(٥) الممالك في الأصل، والتصويب يتفق مع المعنى.
(٦) عند: في الأصل: والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>