للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال بيبرس: وكنت فى هذه الغزاة المبرورة، فأما قلاون ومن معه فإنه سار من أفامية (١)، فصابحنا القصير (٢) صباحا وشنّنا أهله القتال غدوّا ورواحا، وارتحلنا إلى أنطاكية فنزلنا من غربيها على سفح الجبل، وتواصلت العساكر إليها، ونزل السلطان عليها فى اليوم الأول من شهر رمضان، وخرج منها جماعة فيهم كند اصطبل عمّ صاحب سيس الذى ذكرناه أنه انهزم فى نوبة سيس، فالتقوا مع الجاليش (٣) المنصور، فاستظهر الجاليش عليهم، وأسر الكند جندىّ من أجناد الأمير الأجل شمس الدين آقسنقر (٤) الفارقانىّ، يسمّى المظفرى، وأحضره إلى السلطان، فأعطاه عشرة طواشّية، وأمره بحمل رنك (٥) كند اصطبل، فحمل رنكة على سنجقه إلى أن مات، وسأل هذا الكند أن يدخل أنطاكية ويتحدّث مع أهلها ويحذرهم وينذرهم، وأحضر ولده رهينة على ذلك، فلم يغن شيئا.

وفى يوم السبت رابع رمضان المعظم قدره زحفت العساكر، وأطافت بالمدينة والقلعة، وقاتل أهلها قتالا شديدا ذريعا، وجاهدهم المسلمون جهادا


(١) أفامية: مدينة حصينة من سواحل الشام، وكورة من كور حمص - معجم البلدان.
(٢) القصير: بلفظ تصغير قصر: اسم لعدة مواضع: والمقصود هنا: ضيعة أول منزل لمن يريد حمص من دمشق - معجم البلدان.
(٣) الجاليش: راية عظيمة في رأسها خصلة من الشعر - صبح الأعشى ج‍ ٤ ص ٨.
ولعل المقصود هنا مقدمة الجيش أو طلائعه.
(٤) هو آق سنقر بن عبد الله النجمى الفارقانى، الأمير شمس الدين، المتوفى سنة ٦٧٧ هـ‍/ ١٢٧٨ م - انظر ما يلى.
(٥) رنك - رنوك: لفظ فارسى معناه اللون، وقد استخدم في المصطلح بمعنى الشعار الذى يدل على الوظيفة - صبح الأعشى ج‍ ٤ ص ٦١ - ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>