للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد: فإن خير من شرفت مراتب السلطنة بحلوله، وفوقت ملابس التحكيم لقبوله، ومن يزهى مطالع الملك بإشراقه، وتتبادر الممالك مذعنة لاستحقاقه، ومن يزدهى به ملك منصوره، نصره الله، موطده وولى عهده، مكنه الله بأبيه، ومن يتشّرف إيوان عظمة إن غاب والده فى مصلحة الإسلام، فهو صدره، وإن حضر فهو ثانيه، ومن يتحمل غاب الإيالة منه بخير شبل كفل ليثا، ويتكمل غوث الأمة بخير وابل خلف غيثا، ومن ألهم الأخلاق الملوكية وأوتى حكمها صبيّا، ومن خصّصته أدعية الأبّوة الشريفة بصالحها ولم يكن بدعائها شقيّا، ومن ترفّعت (١) به هضبة الملك حتى أمسى مكانها عليّا، ومن هو أحقّ بأن ينجب الأمل فيه وينجح، وأولى بأن يتلى له أخلفنى فى قومى وأصلح، ومن هو بكل خير ملىّ، ومن إذا فوّضت إليه أمور المسلمين كان أشرف من لأمورهم يلى، ومن يتحقق من والده الماضى الغرار ومن اسمه العالى المنار أن لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على.

ولما كان المقام العالى الولدى السلطانى الملكى الصالحىّ العلائى عضد الله به الدين، وجمع إذعان كل مؤمن على إيجاب طاعته لمباشرة أمور المسلمين، حتى يصبح وهو صالح المؤمنين، هو المرجوّ لتدبير هذه الأمور، والمأمول لمصالح البلاد والثغور، والمدّخر من النصر لشفاء ما فى الصدور، والذى تشهد الفراسة لأبيه وله بالتحكم أليس الحاكم أبو على هو المنصور، فلذلك اقتضت الرحمة والشفقة على الأمة أن ينصب لهم ولىّ عهد يتمسكون من الفضل بعروة كرمه، ويسعون


(١) «رفعت» فى زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>