للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاشتمال بما ينوط (١) بمصلحته، وحيث تأمّلوا ذلك بعين البصيرة، ورأى من حنّكة دوران الفلك، والتجربة، يبيّن لهم أن هذا الرأى محض شور لا يشوبه غشّ ولا مداهنة، وخالص تنبيه لا يغادره سوى زبدة المناصحة، فقالوا: إن الذى وقع من الخلاف، كان بين من قد قضى نحبه من الآباء والأسلاف، ولم تجر بيننا مخاشنه، ولا وقع خلف ولا مشاحنة، فعدنا على ما كان عليه آباؤنا القدماء الكرام من الاتفاق والائتلاف، وحفظ العهد والذمام، والتزمنا أن لا ينحل عقد هذا النظام، والله الموفق للرشاد الهادى إلى السّداد.

ولما تفرغ البال من إصلاح ذات البين، واستحكمت مرائر الائتلاف بين الجهتين، أنقدنا الإيلجيّة بعد النيّة الخالصة لله وللرسول، تسكينا للفتن الثائرة، وإطفاء للهيب تلك النائرة، وحقنا لدماء المسلمين، وسدّا لثلمة الدين، فكانت خلاصة جوابه، وزبدة خطابه، عند وقوفه (٢) على ما كتب به إليه، أنه لو أنفذ أبونا شيخ الإسلام، قدوة العارفين، كمال الدين عبد الرحمن، لكنت أسكن إلى أمانته، وأخلد إلى ديانته، وأسمع منه ما لم يحتمل إيداعه الكتب، وأشافهه بما عندى من المصالح، وأخاطبه بما ينطوى عليه ضميرى للمسلمين من النصائح.

هذا، وغير خاف أنه يعز علينا بعاده، (٣) ويوحشنا بينه وفراقه، وربما اتصل به ما نستفيده من حسن معاشرته، وجميل مصاحبته، وحيث كان التماسه موجبا


(١) «على ما ينوط» فى زبدة الفكرة.
(٢) «وقوعه» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة.
(٣) «إبعاده» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>