للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفقراء، والإلمام بالصلحاء والعبّاد، وقيل له: إن الملك لا بدّ له من ملك يسوسه، فأشار بأنه قد نزل عنه لابن أخيه تلابغا بن طرنوا بن دوشى خان بن جنكزخان، فطابت نفسه بذلك ووافقه الخواتين والأخوة والأعمام والأقارب والإلزام، وكانت مدة مملكة تدان منكو حول خمس سنين (١)، وكان له من الأولاد أن منكى وصراى تمر وسكباى.

ومنها: أن تلابغا المذكور ملك عوضا عن تدان منكو، وتجهز وسار بعساكره إلى بلاد الكرك للإغارة عليها، وغزو من فيها، وأرسل إلى نوغيه يأمره بالمسير فيمن عنده من العساكر ليجتمعا على الغارة على بلاد كرك، فسار نوغيه فى التمانات التى عنده، وتوافيا فى المقصد، وشنّوا الغارة، ونهبوا ما شاءوا وقتلوا من شاءوا وعادوا، وقد تمكن الشتاء، وتكاثرت الثلوج، واستصعبت الطرقات، ففصل نوغيه عنه بمن معه وسار إلى مشاتيه، فوصل سالما هو وكل من يليه، وسار تلابغا يتعسّف البيد الموعرة، والفيافى المقفرة، فتاه عن حدّ الطرق، وناله وعسكره غاية الضنك والضيق، وهلك أكثرهم من شدة البرد، وعدم القوت، ولم يسلم إلا القليل منهم، فعزّ ذلك على تلابغا وتوهم أن نوغيه إنما فعل ذلك مكرا بهم ومكيدة ليهلك عساكره، ويبيد عشائره، فأضمره الغدر، وأبطن له الشرّ، وذلك لما ناله ونال عسكره من الشدة الشديدة التى ألجأتهم إلى أكل لحوم دوابهم التى


(١) انظر زبدة الفكرة ج‍ ٩ ورقة ١٥٩ ب، ١٦٠ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>