للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى تاريخ بيبرس: وكان السبب فى إسلام بركة خان أن الشيخ نجم الدين الكبراء (١) كان قد ظهر صيته وارتفع ذكره، ففوّق مريديه إلى المدن العظام، ليظهروا بها شعائر الإسلام، وأرسل سعد الدين الحموىّ إلى خراسان، وكمال الدين السرياقى إلى تركستان، ونظام الدين الجندى إلى قفجاق، وسيف الدين الباخرزى إلى بخارى، فلما استقر الباخرزى ببخارى أرسل تلميذا له كبير المحلّ عنده إلى بركة خان، فاجتمع به ووعظه، وحبّب إليه الإسلام، وأوضح له منهاجه، فأسلم على يده، واستمال بركة عامّة أصحابه إلى الإسلام، وقصد أن يبرّ الشيخ بشئ قبالة ما أسداه إليه، فأمر له ببايزة (٢) بالبلاد التى هو فيها ليكون وقفا على الفقراء والصلحاء وتجبى أموالها إليه، وأرسل البايزة إلى الباخرزى، فلما وصلته قال لرسوله: ما هذه؟ قال: هذه تكون فى يد الشيخ تحمى كل من يكون من جهته.

فقال: اربطها على حمار، ثم أرسله إلى البريّة، فإن حمته من الذهاب (٣) فأنا أقبلها، وإن كانت لا تحمى الحمار فما عساه لى فيها، وأبى أن يقبلها، فعاد الرسول وأخبر بركة بما قال الشيخ، فقال بركة: أنا أتوجّه إليه بنفسى، فسار نحوه، ووصل إلى بخارى، وأقام بباب الشيخ ثلاثة أيام، وهو لا يأذن له فى الدخول إليه،


(١) «نجم الدين كبرا» فى السلوك ج‍ ١ ص ٣٩٥.
(٢) البايزة: لوحة من الذهب أو الفضة، وفى بعض الأحيان من الخشب، وذلك على حسب رتب الأشخاص، وينقش على وجهها اسم الله واسم السلطان وعلامة خاصة، وتهدى إلى الأشخاص الذين يتمتعون بثقة المغول، كما أنها تتضمن أمر الملك لسفرائه، ويتمتع حاملها بامتيازات خاصة فله الطاعة على كل من فى الدولة المغولية - انظر جامع التواريخ - المجلد الثانى - الجزء الأول ص ٢٤٧ هامش (١).
(٣) هكذا الأصل، ولعلها «الذئاب».

<<  <  ج: ص:  >  >>