أما قوله:«جددت فراشي» فهي كلمة لها معنى كبير: أنا لا أُدخِل الجديدة على فراش القديمة حتى لا أجرح مشاعرها، أو أنني لا أتزوج إلا بعد وفاة زوجتي الأولى؛ ذلك لأن الغيرة طبع في النساء.
وكانت أم المؤمنين عائشة تغار حتى من ذكر السيدة خديجة، فقد «دخلت فاطمة بنت محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أبيها مُغْضبة فقال صلى الله عليهم وسلم:» ما أغضبك يا أم أبيها «فقالت: والله إن عائشة قالت لي: إن رسول الله تزوج أمك ثيباً، ولم يتزوج بِكْراً غيري، فقال لها رسول الله:» إذا أعادت عليك هذا القول - وانظر هنا إلى أدب النبوة في الردَّ وفي سرعة الخاطر - فقولي لها: ولكن أمي تزوجتْ رسول الله وهو بكر، وتزوجيته أنت وهو ثيَّب «هذا كلام النبوة، ومن بعدها لم تُعِدْها عائشة مرة أخرى.
وقد يقول قائل: وكيف تغار عائشة، وهي أم المؤمنين وزوج رسول الله؟ قالوا: هذه الغيرة لها معنى، فقد عقد رسول الله عليها وهي بنت السادسة، ودخل بها وهي بنت التاسعة، وقد جاوز صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الخمسين من عمره، ومع فارق السن بينهما رضيتْ عائشة برسول الله؛ لأنها رأتْ فيه من مزايا نوره ما جعلها تَغَار عليه رغم كِبَر سنّه وصِغَر سنها، فلم تنظر إليه على أنه رجل عجوز يكبرها، بل رأَتْ