وهذا الوجوب؛ لأن هذه المفردات هي وسائل الاقتصاد المكون للدولة، والوسائل تأخذ أحكام المقاصد.
ووضع خطة لذلك مزمنة بمرحلية مدروسة، أمر يقره الشرع؛ لأنه من الإحسان (وَأَحْسِنُوَا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: ١٩٥).
ويكون ذلك وفق تخطيط شامل دقيق لذلك.
وما لا يتم المطلوب الشرعي إلا به فهو مطلوب شرعا، فالتخطيط الشامل يرفع العبث ويهدي إلى السبيل، وقد ذم الله الماشي مكبا على وجهه بعشوائية ضاربا مثلا بذلك (أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (الملك: ٢٢).
ولأن التخطيط والتزمين المرحلي مؤد إلى إحسان العمل وإنجازه، والله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه، كما في النص (١).
وواجب المتابعة والتقييم والمحاسبة؛ لأن ذلك من حياطة مصالح المسلمين والنصيحة لهم.
ولا مانع من دعوة المستثمرين والخبراء من الداخل والخارج لوضع ما يناسب من الوسائل لتحقيق ذلك.
ويستفاد من الخبرات والمعارف الإنسانية ولو من غير مسلم؛ لأن الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها، ولأخذ رسول الله بالخاتم والخندق وهي خبرات أجنبية.
وكل هذا من المصالح العامة، والشريعة طالبة لما يحقق المصالح الكبرى ويدفع المفاسد.
ولا بد من تحقيق الأمن والاستقرار حتى يأمن الناس على أموالهم، وسيادة واستقلال القضاء، والمعاقبة الصارمة لمتلاعب أو مفسد منفر للاستثمار؛ لأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدافع للضرر الفاحش عن الأمة.
ويجب حفظ العملة واستقرارها؛ لأنها تحفظ الأموال وقيمها.
ويحرم الإضرار بالأموال، وتهريب العملات الصعبة أو ضخها أو سحبها من السوق أو التلاعب بها؛ لأدائه إلى الإضرار العام، وهو واجب دفعه، ولأنه من إيذاء المسلمين، وهو محرم (وَالَّذِينَ
(١) - حديث «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا .. » أخرجه أبو يعلى في مسنده من حديث عائشة برقم ٤٣٨٦ وفيه مصعب بن ثابت لا بأس به حسن في المتابعات.