للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليست المعارضة السياسية خروجا عن الجماعة، ولا على الحاكم؛ لأن الخروج المحرم هو البغي المسلح؛ ولأن المعارضة تنصر الجماعة بالوسائل السلمية، فهذه نصرة لا خروج؛ ولأن المعارضة تطالب بالإيفاء بعقد الجماعة في الدستور، وهذا واجب على كل قادر (١).

ولأن المعارضة السياسية متفق على وجودها وآلياتها وأشكالها في عقد الدستور، والإيفاء بالعقود أمر شرعي (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١).

ويجوز التشهير بالمناكر السياسية، والمفاسد العامة الناتجة عنها عبر الصحف، وفي المنابر والمحافل والإعلام، وهو مشمول بعموم قوله تعالى (لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ) (النساء: ١٤٨).

ولأن التشهير العام حصل من بلال وجماعة أيام عمر للمطالبة ببعض ما يرونه حقا، ولم ينكر عليهم أحد.

ولأن هذا متفق عليه في عقد القانون بين الشعب والحاكم فجاز؛ لأن كل شرط بين عاقدين يعمل بها إلا ما عارض الشرع، وليس هذا كذلك.

والأوامر بالستر على المسلم منزل على معصية شخصية غير متعدية (٢) لا كقتل بل يجب الشهادة على القاتل؛ لأنها مظلمة واقعة على الغير فوجب دفعها بما بين الشرع وتجب الشهادة فيها عند اقتضاء لزومها.

فإن كانت المعصية متعلقة بمظالم العامة جاز إنكارها على رؤوس العامة (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) (الشورى: ٤٠).

ومع هذا فقد يجب قبل التشهير المحاورة المحصورة بين لجنة والحاكم (٣)، فإن أبى كرر له


(١) - قولنا «وهذا واجب على كل قادر» أي المطالبة، فيجب على كل قادر من الشعب أن يطالب السلطة بالإيفاء والالتزام بعقد الشعب معها، وهو الدستور، وما انبثق منه من القوانين؛ لأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
(٢) - قولنا «غير متعدية» أي لا يتعدى ضررها إلى الآخرين قاصرة على الشخص نحو شرب خمر.
(٣) - قولنا «فقد يجب ... » التعبير بقد؛ لأنه لا يمكن أن نطلق الوجوب على الإطلاق لعدم إمكان هذه الوسيلة في كل حالة وهي تشكيل لجنة ناصحة تحاور الحاكم، فإذا كانت ممكنة فهل تجب شرعا قبل التشهير السلمي، يمكن أن نقول بالوجوب في حالة ما إذا كان الانتقال إلى وسيلة التشهير السلمي يعقد الأمور أكثر مما لو شكلت لجنة للحوار والمصالحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>