للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن المعارضة عند التقصير في واجبها من منع الظلم على العباد المخول تحت تكليفهم (١)، كمنع تحريف العقد بين الشعب والحاكم الممثل في الدستور، ومنع مظاهر الفساد وحماية القانون، وغير ذلك.

فإن كان بسكوت حرم ولعن فاعله بالنص (٢)، وإن كان بتواطؤ من البعض فهو خيانة للأمانة وتعاون على الإثم والعدوان.

والمعارضة السياسية شرطها أن تكون بالوسائل السلمية؛ لأن هذا مما أجازته الشريعة؛ لعدم المانع (٣)، بل هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودرء المفاسد وجلب المصالح.

وقد ثبت في حديث السمع والطاعة «وأن نقول الحق أينما كنا لا نخاف لومة لائم» (٤).

وهذا نص يدل على أن قول الحق واجب للسلطة وغيرها للعموم، ولا يعارض بيعة السمع والطاعة؛ لأنه منها في النص؛ ولثبوت فعل المسألة أمام الصحابة في المسجد يوم الجمعة لعمر ولم ينكروا هذه المعارضة (٥)، فكان إجماعا، أو فتوى الجماعة، وهذا كاف في الجواز لحرصهم على إنكار المنكر.


(١) - قلنا المخول تحت تكليفهم، أي لأنهم لا يكلفون إلا بما في وسعهم من أعمال المعارضة، فلا يكلفون إقامة المشاريع والبنية التحتية ونحوها مما هو واجب على السلطة.
(٢) - قولنا «فإن كان بسكوت حرم» الضمير في كان راجع إلى التقصير أي إن كان التقصير في تغيير المنكر سكوتاً حرم.
(٣) - قولنا «لعدم المانع» هذا احتجاج على من يدعي المنع الشرعي للمعارضة السياسية فعليهم الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة وأنى لهم ذلك.
(٤) - تقدم تخريجه.
(٥) - قولنا «ولثبوت فعل المسألة .. » القصة مشهورة ولها ألفاظ متعددة منها ما أخرجه البيهقي في المعرفة (١٣/ ٣٣٢) ط/ قلعجي عن نافع، مولى ابن عمر، أنه قال: أصاب الناس فتحا بالشام وفيهم بلال، وأظنه قال: ومعاذ بن جبل، فكتبوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن هذا الفيء الذي أصبنا، لك خمسه ولنا ما بقي ليس لأحد منه شيء كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر، فكتب عمر: إنه ليس كما قلتم، ولكني أقفها للمسلمين، فراجعوه الكتاب وراجعهم، يأبون ويأبى، فلما أبوا قام عمر فدعا عليهم فقال «اللهم اكفني بلالا وأصحاب بلال» قال: فما حال الحول حتى ماتوا جميعا. قال أحمد: وقد ذكر الشافعي في القديم حديث زيد بن الحباب، عن عبدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن بلالا وأصحابه فتحوا فتوحا بالشام فقالوا لعمر: «اقسم بيننا ما غنمنا» فقال «اللهم أرحني من بلال وأصحابه» قال أحمد رحمه الله: قوله رضي الله عنه: إنه ليس على ما قلتم، لا يريد: ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ..

<<  <  ج: ص:  >  >>