للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي جائزة بذلك، والمعارضة بشكل أعم شاملة لكل الأعمال المنظمة السلمية غير الرسمية التي تقف ضد مخالفات السلطة.

فقولنا «بشكل أعم» أي لا تقتصر على المعارضة السياسية المترجمة إلى حزبية سياسية.

وقولنا «كل الأعمال المنظمة» خرج بها الأعمال المعارضة العشوائية، فلا تدخل في المعارضة، بل في ردود الفعل والمواقف الآنية بدون مشروع منظم.

وقولنا «كل الأعمال المنظمة» كذلك يشمل كافة الجهود والجهات ولو فردا، ويشمل سائر المنظمات والمؤسسات والنقابات المعارضة.

وقولنا «السلمية» خرج بها الأعمال غير السلمية المسلحة أو الوسائل المستقوية بالعنف.

وقولنا «التي تقف ضد مخالفات السلطة» قلنا هذا القيد؛ لأن الذي يقف ضد السلطة مطلقا في عملها المصلح وغيره يخرج عن المعارضة إلى العدوان.

وفرض على المعارضة القيام بدفع المفاسد ودرئها وتقليلها، بما يخولها الشرع في عموم (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران: ١٠٤).

ولما كان واجب الدولة هو سياسية البلاد بجلب المصالح العامة الغالبة ودفع المفاسد، وهو: معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجب على المعارضة حينئذ القيام بتفعيل دورها المشروع والشرعي، والدستوري، والوطني، وهو داخل في عموم قوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة: ٢).

ويحرم التقصير في ذلك بسكوت، أو تواطؤ؛ لأن من قام بأمر من الواجبات الكفائية أو العينية، فإنه يجب عليه إقامته بما يسقط الطلب الشرعي.

أما العيني فظاهر (١)، أما الكفائي فلأن فرض الكفاية إذا قام به البعض فقد تعين عليهم، فإن قصروا أثموا، والله يقول (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) (محمد: ٣٣)، وهذا إبطال.


(١) - أي أن العمل إذا كان فرض عين فإنه لا يسقط إلا بفعله، فالدخول فيه فرض عين بخلاف فرض الكفاية فلا يتعين على الشخص إلا إذا لم يقم به أحد، أو دخل فيه الشخص فإنه يتعين عليه تمامه والمعارضة يأتي فيها هذا الحكم لأنها قائمة بفرض الكفاية فيحرم عليها تركه لأنه يتعين عليها بمجرد الدخول في العمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>