للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوموني» (١).

وهذا أصل في سن إلقاء خطاب للأمة من رئيسها المنتخب بعد فوزه.

وأصل في سن تقويم الشعب للحاكم إن أساء.

وأصل في ترسيخ دولة المساواة «القوي عندي ضعيف حتى آخذ منه الحق».

ولا بد من بيان آليات التقويم الشعبي للحاكم، دفعا لمفسدة التنازع، ويكتفي بمجرد النص العام على التقويم إن غلب عدم النزاع كما فعل الصديق، وإلا فُصِّلت آلياته دفعا لاحتمال نزاع بين قوى الشعب والسلطة في تفسير النص الدستوري على التقويم.

وتقويم الشعب لحكامه فرض؛ لوجوب النصيحة لهم، والتقويم رأسها «الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (٢).

ويأثم التارك؛ لأن ترك التقويم ترك للنصيحة، وهي فرض شرعي.

ويبدأ باللين ولو لمكثر في الفساد في الأرض (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طه: ٤٤) أي: لفرعون، والأمر يدل على الوجوب.

والأَوْلَى: سرا عند استطاعة دخولٍ على حاكم؛ لأن الإسرار من اللين.

ويجوز الجهر لكف حاكم عن فساد، ويكون بقول حسن (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (الإسراء: ٥٣).


(١) - قولنا «في بيان عام للأمة» ذكرنا فيه شيئا من خطبة أبي بكر «لقد وليت عليكم .. » أخرجها البزار في المسند ط/ مكتبة العلوم -المدينة من طريق قيس ابن أبي حازم قال: خطب أبو بكر، فذكرها. وله شاهد في الأوسط للطبراني برقم ٨٨٢٤، وهو في المطالب العالية برقم ٢١٨١ عن الحسن عن أبي بكر، وفي إتحاف الخيرة المهرة كذلك برقم ٣٦٤٥. وكلاهما فيه مجهول. وأخرجه ابن ماسي في فوائده ط/ دار أضواء السلف بالرياض برقم ٣٧ بسند حسن من طريق الحسن، وطرق هذه القصة كثيرة فهي صحيحة عن أبي بكر رضي الله عنه. ولفظها كما في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (٥/ ٢٢): أن أبابكر الصديق خطب فقال: أما والله ما أنا بخيركم، ولقد كنت بمقامي هذا كارهًا، ولوددت أن فيكم من يكفيني، أفتظنون أني أعمل فيكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لا أقوم بها، إن رسول الله كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإن لي شيطانًا يعترّيني، فإذا غضبت فاجتنبوني ألا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم، ألا فراعوني، فإن استقمت فأعينوني، وإن زغت فقوموني. قال الحسن: خطبة والله ما خطب بها بعده.
(٢) - تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>