للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الاقتراض الدولي بدون فوائد، أو المشاركة في شركات استثمارية داخل الدولة وخارجها، لا مانع منه.

وكذا تبادل الزيارات الرسمية التي تهدف إلى التعاون الدولي الاقتصادي والسياسي، بشرط ألا يكون مصادما لأصل شرعي كتسليم مسلم أو لاجئ سياسي كافر مستجير في دولة الإسلام لدولة كافرة؛ لأن ذمة المسلم لا يجوز أن تخفر؛ للنص «ويسعى بذمتهم أدناهم» (١).

كما لا يجوز التعاون المؤدي إلى ضرر وإذلال وارتهان لدولة الإسلام.

وقولنا «تبادلية»: مثل تبادل التجارات والخبراء والخبرات والبعثات الدبلوماسية والأسرى والمصالح والمنافع العامة التي تعود بالخير على الأمة.

وأفردناها عن التعاونية مع دخولها فيها؛ لأن العلاقات التبادلية أخص سياسة؛ لأنها مقابلة مشروطة بما يقابلها به الآخر بخلاف التعاون، فقد يكون ابتداء من جهة لا تبادليا مشروطا.

وقولنا «سلمية»: هذا هو الأصل في التعامل، والحربُ استثناء بشروط لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات: ١٣)، فالتعارف مقصودٌ، والقتال خلافه.

ولقوله تعالى (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (البقرة: ٨٣)، وهذا عام.

وقوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: ١٠٧)، والرحمة قائمة على السلام العالمي وتبادل المصالح.

وقوله تعالى (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة: ٨).

أما الأوامر بقتال المشركين والكفار، فقد أجبنا عليها في فقه الجهاد من كتابنا هذا، وقررنا أنها مسببة معللة لا أصل مبتدأ يتعامل به.


(١) - أخرجه أحمد برقم ٦٧٩٧ من طريق عمر بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة: المسلمون تكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم. قلت: هذه الصحيفة حسنة صحيحة. وأخرجه أحمد كذلك برقم ٩٩٣ عن علي بسند على شرط الشيخين. وهما في سنن أبي داود والنسائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>