للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز الاجتهاد في إسقاطها اسما لا حقيقة كما فعل عمر على أهل الكتاب من العرب وأخذ منهم كالزكاة أو ضعفها (١).

وهذه تفرض في قوة محاربة استسلمت في الحرب، ولهم دينهم، وحرياتهم، وأموالهم، وأعراضهم، ومحاكمهم ونظامهم بكامله، إلا ما اقتضاه النظر المصلحي العام من الأمور.

ح- وأما في داخل جزيرة العرب فلا يقبل وجود أي دين بشكل دولة، أو قوة منظمة تستطيع الضرب من الداخل، وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» (٢)، وقوله صلى الله عليه وسلم «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» (٣)، وليس معناها الأفراد ولا الأقليات الأسرية المسالمة التي لا تحمل أي سلاح، فإنها موجودة من زمنه صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، وبلا نكير (٤).

فدل على أن المقصود التواجد العسكري المسلح الذي يشكل خطرا داخليا ونظاما مناوئا.

ولهذا تبطل كل معاهدة من هذا النوع، ويعطون مهلة كأربعة شهر وتنزل على هذا آيات الافتتاحية في سورة براءة (بَرَاءةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ) (التوبة: ١)، أي عاهدتم في جزيرة العرب كيانات مسلحة أو داخل الدولة المسلمة ولو خارج الجزيرة، وحملناها


(١) - قولنا «كما فعل عمر» أخرجه البيهقي في السنن برقم ١٩١١٧ بسند صحيح إلى الشافعي، قال الشافعى: قد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من أكيدر الغسانى ويروون أنه صالح رجالا من العرب على الجزية فأما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن بعده من الخلفاء إلى اليوم فقد أخذوا الجزية من بني تغلب وتنوخ وبهراء وخلط من خلط العرب وهم إلى الساعة مقيمون على النصرانية يضاعف عليهم الصدقة وذلك جزية وإنما الجزية على الأديان لا على الأنساب ولولا أن نأثم بتمني باطل وددنا أن الذي قال أبو يوسف كما قال وأن لا يجرى صغار على عربي ولكن الله أجل في أعيننا من أن نحب غير ما قضى به. ووصله من طريق أخرى.
(٢) - أخرج مالك في الموطأ برقم ١٥٨٤ عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب قال مالك قال ابن شهاب ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب فأجلى يهود خيبر قال مالك وقد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفدك فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالحهم على نصف الثمر ونصف الأرض فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب وورق وإبل وحبال وأقتاب ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم منها.
(٣) - أخرجه البخاري برقم ٣٠٥٣، ومسلم برقم ٤٣١٩، كلاهما عن ابن عباس.
(٤) - وللجنة الإفتاء بالمملكة اجتهاد خاص هنا في منع دخول العمالات الأجنبية الكافرة جزيرة العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>