ولا بد من هذه الشروط في هذا المنصب، ووكلائه، ونوابه، ومدراء عموم المكاتب التربوية في المحافظات، ومدراء المجمعات التعليمية، والمراكز، والمدارس، والأساتذة، والمدرسين، والموجهين، والأقسام والإدارات؛ لأن هذه المؤسسة من أخطر وأكبر المؤسسات مسئولية لبناء الأجيال، والعقول، والأنفس، والأموال، والاقتصاد، والأمن، والاستقرار، وحفظ الدين، والنسل، والنشء، وحفظ كيان الجماعة، وسيادة وسياسة الدولة، والنهضة القومية والحضارية والصناعية بمباشرة أو تسبب رئيسي.
ولا يمكن تحقيق هذه المقاصد الشرعية والواجبات الكبرى إلا بنهضة تعليمية وتربوية.
ووجب حينئذ إقامة كيان المؤسسة المديرة لذلك، ولا يقوم بها على هذا الوجه إلا الدولة. فَفُرِضَ عينا على ولي الأمر ومعاونيه خاصة وعلى النظام الحاكم ككل إقامة هذه المؤسسة.
ولتأثير هذه المؤسسة في تحقيق المقاصد الكبرى الآنفة الذكر؛ لا بد من اشتراط العدالة؛ لأن الفاسق ساقط العدالة يتعذر منه تحقيق هذه المقاصد؛ ولأنه ما حفظ نفسه تربويا فكيف يحفظ ذلك للغير حفظا محققا للأهداف والمصالح.
وقولنا «راشد»: لأن السفيه في الرأي والتصرف يقوم بما يفسد ويتلف حتى على نفسه، لذلك شرط لدفع مال اليتيم إليه بلوغه ورشده (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا)(النساء: ٦).
وإذا حجر عليه التصرف في مهمات من حقوقه الخاصة به، لعدم رشده، وكثرة فساد رأيه وتصرفه؛ فحجره عن تولي الولاية العامة أشد وجوبا، خاصة ولاية المؤسسة التعليمية والتربوية.
وقولنا «كفء»: أي قوي أمين مؤهل للعمل في هذا المرفق، وقد رد الشرع ولاية من فقد شرطا مؤثرا وهو الكفاءة، فقال صلى الله عليه وسلم:«إنك ضعيف»(١)، فدل على اشتراط الكفاءة الشاملة للقوة والأمانة ونحوها.