وقولنا «مسلم»: لأن فرض الطاعة مقيد بأولي الأمر من المؤمنين (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)(النساء: ٥٩).
و«منكم»: قيدٌ؛ فخرج غيرهم، ولأن التمكين في النص هو أمر بالتمكين للمؤمنين بذلك، أي بتحقيق التمكين لمؤمن لا لفاسق أو كافر أو منافق.
ولأن الخروج عن أولي الأمر لو ارتكبوا كفرا بواحا عن دليل برهاني من الكتاب والسنة مشروع، فلا ولاية للكافر ابتداء من باب أولى.
ولأن الموالاة للكافرين محرمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء)(الممتحنة: ١)، وتوليته على المسلمين أكبر وأعظم من الموالاة؛ لأنها ولاية وموالاة وزيادة تمكين؛ ولأن الله يقول (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)(النساء: ١٤١). وتوليته عليهم أعظم سبيل فمنع بالأوْلى.
ولأن شرط الولاية إقامة أخص شعائر الإسلام من الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه إقامة المصالح ودرء المفاسد.
وغير المسلم لا يقوم بذلك في نفسه ولا غيره في الصلاة والزكاة ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ)(الحج: ٤٠ - ٤١).
فتولية المؤمنين نصرة لله ومستلزم لنصرته سبحانه، وتمكين أعدائه ليست نصرة لله بل معصية مستلزمة لسخطه وخذلانه، وهذا يدل على عظم هذا الشرط.
وقولنا «بالغ عاقل»: شرطان لكل ولاية؛ لأن الصبي والمجنون لا نظر لهما معتبر على وجه المصلحة لنفسيهما، فولايتهما على نفسهما ممنوعة؛ فمنعهما من الولاية على الغير من باب أولى؛ لأنها نظرٌ عام على النفس والغير.
وقولنا «خبير»: شرط أولوي؛ لأن الخبرة بالتجربة، وتكسب في هذا العمل سريعا (١).
(١) - قولنا «في هذا العمل»: هو قيد؛ لأن من الأعمال ما لا تكسب فيه الخبرة إلا بطول ممارسةٍ كالطب وسائر العلوم الشرعية والمهنية والتكنولوجية.