للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحيضة الثانية التامة، ثم طهر تام إلى الحيضة الثالثة تامة، ثم طهر تام بنزول أول دفعة دم من حيضة رابعة فهذه غير تامة ولا تحسب.

وهكذا تكون قطعا ثلاث حيض تامات، وثلاثة أطهار تامة؛ فتخرج من عدتها قطعا، ولا يصح إخراجها من يقين الزوجية إلا بيقين العدة؛ فلو تبعضت الأطهار أو الحِيَضُ لم تخرج بالقطع.

ولأن الزوج إذا مات وهي في العدة في آخر طهر بعد مرور ثلاث حيض تامات فلو قلنا «العدة بالحيض» لم ترث، ولو قلنا بالأطهار ورثت.

ولكن لو تم الطهر الثالث ومات بعد نزول دفعة من الحيضة الرابعة فهي لا ترث بيقين، لتيقن ثلاثة قروء تامة من حيض وطهر.

ولا يمكن نقل أحد من أصل قطعي في الحق إلى منعه من الحق إلا بقطع، فلا تمنع الميراث إلا بالقطع.

فدل على عظيم بلاغة القرآن كلام الله في النص على العدد، وهو ثلاثة وفي تأنيثه بالتاء ليدل على القطع في اعتبار ثلاث حيض تامات لا تكون إلا بثلاثة أطهار تامة.

ومن زعم أن في هذا تطويلاً على المرأة رُدَّ عليه: بل هو عين المنفعة؛ لأن فيه عدم الاستعجال في نقض عقدة الزوج، وهذه مصلحة لها، وهذا في الطلاق الرجعي.

وفيه عدم حرمانها من الميراث بالظن لو مات زوجها في العدة، وهذا في الطلاق الرجعي وهو إجماع، وأما في الثلاث والخلعي البائن فيحتاج إلى نوع استنباط، فإن قلنا به فدليله (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (البقرة: ٢٣٤).

فالمختلعة البائن والمطلقة ثلاثا إذا مات زوجها وهي في العدة انتقلت إلى عدة الوفاة، فإذا أُفْتى بهذا لزم العلة في النص وهي (أَزْوَاجًا) فهي زوجته؛ لأنها لو لم تكن كذلك لما اعتدت بالوفاة.

ومعلوم أن كل زوجة ترث، ومن أخرج هذه لزمه الدليل الصحيح الصريح الخالي عن المعارضة، والشرع يؤخذ كله، فمن ألزمها بالعدة؛ لأنها زوجة ومنعها من الميراث فقد أخذ ببعض وترك بعضا، ويحتمل عدم ذلك لأنهن -أي المطلقة ثلاثا والمختلعة البائن بالثلاث

<<  <  ج: ص:  >  >>