بالمثل؟ هذا راجع إلى تقدير الوضع من أهله زمانا ومكانا، والنص أفاد الاعتداء بمثل الاعتداء، وأفاد الآخرُ إخراجَهم.
والعمل بالنصين عند القدرة هو كمال التكليف؛ ولأن ذلك من مقتضيات كمال الردع.
٦ - والقتال في سبيل الله واجب لإخراج محتل للنص (وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ)(البقرة: ١٩١).
وفرق بين الأمر بإخراجهم كما أخرجونا، وبين من حيث أخرجونا؛ لأن الأخير هو إخراجهم من أرضنا التي أخرجونا منها، وسابقه إخراجهم من أرضهم احتلالا ردا للعدوان بالمثل كما يفيده (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا)(الشورى: ٤٠)، (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)(البقرة: ١٩٤).
والفرق بين هذه والتي قبلها أن هذه تفيد تعليل فرض قتال في سبيل الله لكافر بدأ بقتال أهل الإسلام.
والتي قبلها تفيد فرض القتال لمن قاتلنا ولو لم نعلم البدء؛ لأن تمييزه قد يخفى؛ فيدعي كل طرف أن الآخر بادئ؛ فرفع هذا الوهم فأوجب قتال من قاتلنا ولو لم يتميز البادئ بيننا وبينهم.
٩ - وبلاغ دعوة الإسلام الحق إلى الناس يكون بالحسنى والحكمة (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(النحل: ١٢٥)، وليس الأصل القتال، بل السلم والرحمة.
فمن منع الناس عن الدخول في الإسلام ومنع الدعوة إليه في دولته بالحوار والسلم والتي هي أحسن؛ فإنه يقاتل إعلاء لكلمة الله (قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)(التوبة: ٢٩).