للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلنا بوجوب تشكيله بما سبق؛ لأنه مقصود بالنص قصدا أوليا وسيليا؛ لأنه لا يتم الرجوع في الأمن والخوف العامين الآن إلى أهل الأمر المعتبرين إلا بذلك، والوسائل تأخذ أحكام المقاصد.

ولا بد قبل اتخاذ قراراته النهائية الكبرى التي تتعلق بالأمن والحرب أن تعرض على نواب الشعب وأهل الشورى.

ويتخذ المجلس الأعلى للأمن والحرب قراره بعد ذلك حتى يتحمل كافة أولي الأمر مسئولية القرار؛ ولأن الآية أطلقت (أُوْلِي الأَمْرِ) فشمل سائر القيادات المطاعة في الشعب، ولتعذر استقصاء مشورتهم يقوم عنهم نوابهم وأهل الشورى والمجلس الأعلى بمكوناته السابقة.

ولأن الميسور لا يسقط بالمعسور، وهذا متيسر بخلاف استقصاء كل أولي الأمر في الأمة أو الشعب.

فإذا صدر قرار المجلس -حينئذ- وجب طاعته والعزم فيه، وحرم التردد بعده (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران: ١٥٩).

وقراره بالجهاد في سبيل الله يجعله فرض عين على من استنفروا، بدءا بالقوات المسلحة، ثم كافة أفراد الشعب؛ لأن الاستنفار العام يوجب الجهاد العيني على كل فرد للنص (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) (التوبة: ٣٨).

ثم عمم ولم يستثن أحداً (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (التوبة: ٤١)، وتوعدهم عند التخلف (إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التوبة: ٣٩).

وفي الحديث «وإذا استنفرتم فانفروا» (١).


(١) - أخرجه البخاري برقم ١٨٣٤ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم افتتح مكة لا هجرة ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا فإن هذا بلد حرم الله يوم خلق السماوات والأرض وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاها قال العباس يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم قال: قال إلا الإذخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>