والأصل فيها القصاص إلا بعفو إلى الدية ممن له العفو من ولي الدم.
أما التسبب، فإن كان فعل السبب مشروعا كحفر بئر في ملكه، فسقط فيه شخص، أو بناء بيت صعد فيه شخص فسقط، أو سقط عليه حجر بغير فعل فاعل حال البناء وهو أجير يعمل فيه.
فهذ النوع هو: مما فعل، والسبب فيه مباح، ولا ينسب إلى فاعله إتلاف عادةً. ولا ضمان ولا كفارة؛ لأن الشخص ألقى بنفسه بفعله إلى التهلكة لا بفعل غيره.
ومثله من رمى نفسه أمام سيارة مسرعة، فلا ضمان ولا كفارة؛ لأنه عَمِل محرما قطعا وألقى بنفسه إلى التهلكة، وذلك عامل بمباح شرعا وهو السير في الطريق ولا يمكن نسبة خطأ أو تفريط إليه.
ومثله من عكس السير فساق مركبته في اتجاه مصادم لغيره، ولا يمكن تفاديه فالضمان والكفارة على العاكس.
ومنه كذلك من غرقت سفينته وعليها ركاب كثيرون فلا ضمان عليه؛ لأنه عمل بعمل مشروع إلا إن ثبت الضرر من جهة إهمال سفينته من صيانة ونحو ذلك، وكان ركوبها يحتمل الخطر الكثير.
فالحاصل من هذا النوع أن تكون قاعدته: الأفعال المشتركة في الإتلاف الضمان منها على فاعل الفعل المحرم شرعا؛ لأنه ألقى بنفسه إلى التهلكة، ولا ضمان على من فعل الفعل المشروع المباح من كل جهة أصلية أو طارئة.
وقولنا «أصلية»: أي أصل الفعل على المشروعية والإباحة.
وقولنا «طارئة»: أي الطوارئ التي قد يتغير بها الحكم من الإباحة إلى المنع كركاب سفينة متقادمة تغرق إذا تعرضت لحادث عادي لا يغرق مثله، فغرقها لأجل تقادمها وعدم صيانتها لا للحادث.
فهنا يتغير حكم الأصل وهو الإباحة إلى حكم المنع لعارض أجنبي هو التقادم المضر الذي لا يتسامح في مثله، بل يضر مثله عادة.