للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفنادق والاستراحات، وغير ذلك.

وقولنا «اتخاذ مسجد» لا يشمل معبدا أو كنيسة؛ لأنه ليس في معنى الإحياء؛ لأن الله جعل الكافر ميتا موتا دينيا (وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاء وَلا الأَمْوَاتُ) (فاطر: ٢٢)، أي: ما يستوي المسلم والكافر.

والكنيسة هي دار الدين عندهم، فلم يعتبر بناؤها إحياء للأرض بل إماتة؛ لأن ما هم عليه موت بالنص.

وشرط إحياء الأرض أن تكون مَيِّتَة ليست لأحد.

فالميتة هي ما لا ينتفع بها بوجه عام ولا خاص، وليست ملك أحد لا ميت ولا حي، كان حاضرا أو غائبا، ولو تقادم الملك، إذ التقادم يقوي الملك ولا يضعفه.

أو ما هي قريبة من ملكه وتحسب عرفا وعادة أنها تابعة لذلك الملك؛ فلا إحياء لها.

ويعرف الملك بالاستفاضة، أو خبر العدول، أو الوثائق، فإن اندثر المُلَّاك، ولا يعلم لهم بقية وارث، لا من عصبة ولا رحم، جاز إحياؤها وتملكها؛ لأنها تصير حينئذ في النظر العام للدولة، وهو يجوز إحياء مواته. وإنما قلنا بالنظر العام لأنه متعلق بعموم نظرها على الشعب احترازا عن النظر الخاص لأنه يكون من الدولة في أموالها.

ومن أحيا أرضا وملكها ثم أهملها في حياته مدة يُعْلَمُ بها زهده وتركه لها؛ جاز لغيره إحياؤها؛ لأن الأول خالف المقصود الشرعي من إحياء الموات وهو حصول المنفعة عامة، وخاصة.

فلما عاد السبب وهو الإحياء على المقصد بالإبطال بطل ما ترتب عليه، وهو الملك.

وقولنا «في حياته» احترازٌ عما إذا كان الإهمال وقع بعد موته لانتقالها إلى ورثته؛ فإنه لا يحق لأحد إحياؤها؛ لأن تبدل سبب الملك كتبدل العين.

ومنه قوله صلى الله عليه وسلم «هي لها صدقة ولنا هدية» (١).

فَتَغيُّر سبب الملك يغير الأحكام.


(١) - أخرجه البخاري برقم ١٤٩٣ عن عائشة رضي الله عنها أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق وأراد مواليها أن يشترطوا ولاءها فذكرت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم اشتريها فإنما الولاء لمن أعتق قالت وأتي النبي صلى الله عليه وسلم بلحم فقلت هذا ما تصدق به على بريرة فقال هو لها صدقة ولنا هدية. وهو في مسلم برقم ٢٥٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>