للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقولنا «في مجلس العقد» خرج به ربا النسيئة.

وقولنا «من جنس واحد» احتراز عن اختلاف الجنسين، فالزيادة مباحة.

وقولنا «من الضروريات» احتراز عن غير هذه المنصوصة؛ لأن عليها تدور الضرورة البشرية «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والزبيب بالزبيب والملح بالملح ربا إلا هاء وهاء فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إن كان يدا بيد» (١).

وفي الأمن الغذائي وضحنا اقتصار العلة على هذه بما لا يمكن للناظر رده.

ويدل على خطأ التعليل بغير هذا شدة الاختلاف في العلة على نحو أربعة عشر قولا.

وكل مسألة اشتد التباين فيها؛ فذلك دليل على عدم النص فيما اختلف فيه ولا قريب من النص، ودليل على خروج الاجتهاد فيها عن سنن التيسير في الشريعة، ودليل على خطئه إلا محل الوفاق.

فيرجع هنا إلى المحل المجمع عليه، ويترك ما سواه.

وكل اجتهاد في حال شدة الاختلاف يدور على المحل المجمع عليه فهو صحيح.

وهذه قاعدة عرفتها بالتتبع والتأمل (٢)، ودليلها (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) (النساء: ٨٢).

فكل ما ليس من عند الله اشتد فيه الاختلاف.

وثاني الموانع المفسدة للعقود هو معاوضة أو بيعٌ لمحرم بالنص.


(١) - أخرجه مسلم برقم ٤١٣٩ عن ابن عمر قال له رجل من بني ليث إن أبا سعيد الخدري يأثر هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية قتيبة فذهب عبدالله ونافع معه. وفى حديث ابن رمح قال نافع فذهب عبدالله وأنا معه والليثي حتى دخل على أبي سعيد الخدري فقال إن هذا أخبرني أنك تخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الورق بالورق إلا مثلا بمثل وعن بيع الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل. فأشار أبو سعيد بإصبعيه إلى عينيه وأذنيه فقال أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضه على بعض ولا تبيعوا شيئا غائبا منه بناجز إلا يدا بيد».
(٢) - قولنا «بالتتبع والتأمل» أقول: منها مدة القصر في السفر فهي من المعارك، ومنها علة الربا وباب الربويات، ومنها وضوء النائم والمتحيرة في الحيض، ومنها دماء الحج، ومنها في أبواب الطلاق كثير، وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>