للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المختلس محرم، والعقد باطل لنفس العلة، وكذا بيع المنهوب والمغصوب إذا باعه الناهب والغاصب.

ج- ويجب ظهور ما يدل على الرضى في البيع من صيغة أو تصرف.

فالصيغة نعني بها كل ما أفاد تناقل الملك بين العاقدين بالمعاوضة، كبعت، وقبلت، ولو قدم أحدهما جاز، كقبلت الشراء فقال: بعت؛ لأن الشرع ترك النص على تفصيل هذه المسائل؛ فعلم صحة ما تراضى الطرفان على كونه ناقلا للملك بأي لغة، أو تصرف، وترك الاستفصال في قضايا الأحوال يحمل على العموم في المقال.

فكل صورة دالة على التراضي بالتعاوض جاز عقد البيع.

ولأن الله يقول (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا) (المائدة: ١٠١)، أي عن المسائل التي لم ينص على تحريمها، وهذه منها، ويقول (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ) (الطلاق: ٦)، ويقول (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) (الأعراف: ١٩٩)، فدل على اعتبار جريان العادة بين الخلق في بناء الأحكام، فما جرت به العادات من ألفاظ تناقل الملك في المفاوضات والبيوع صح.

ويجب في اللفظ أن يكون صريحا في المطلوب على الرضى في التعاوض، والصراحة هنا عند المتبايعين، ومن لزم العقد حضوره من الشهود.

وقولنا «هنا» حتى لا يحمل على الصرائح اللغوية؛ لأنها قد تكون مهجورة في تعامل الناس.

وقولنا «من لزم العقد حضوره» ولم نطلق القول في الأشهاد؛ لأنه لا يقع في أكثر معاملات البيع البسيطة.

وقوله تعالى (وَأَشْهِدُوْا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) (البقرة: ٢٨٢) أمر على الإشهاد في البيع.

وقبله في نفس الآية الأمر بالإشهاد على الديون (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ) (البقرة: ٢٨٢).

والأصل فيهما الإيجاب.

واستثني بالنص المعاملات التجارية الحاضرة الدائرة بين الناس (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا) (البقرة: ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>