للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدم الاستفصال في قضايا الأحوال ينزل منزلة العموم في المقال، فدل على أن الحكم بوضع شيء من الدين مقابل تعجيل الدفع جائز.

وأما بيع اللحم بالحيوان من جنسه فالأصل جوازه، ومَنَعَهُ العشرة (١) للنص «نهي عن بيع اللحم بالحيوان» (٢).

وأجازه أبو حنيفة لضعف الحديث.

وقد قلت نظما زمن الطلب:

والميْت بالحي من الجنس يره ... وجوَّز بن ثابت في الربوي

نعمان والمنع مقال العشرة ... رطبا بيابس وليس بالقوي

وبيع الحيوان بالحيوان جائز ولو بأكثر؛ لأنه ليس من الربويات المنصوصة.

ومن اجتهد بالمنع فممنوع؛ لأنه شكٌّ في مقابلةِ تَعَيُّن الإباحة، ولا زحزحة له إلا بمثله لا بمجرد التوهم.

وأما بيع جنس الربوي بفروعه مثل الدقيق بالبر أو الخبز بالبر أو الدقيق، فالأصل جوازه؛ لأنه لا يصنع ذلك إلا على وجه الندرة والحاجة، وما كان كذلك فلا حكم له، وكان حاجة كالعرايا المرخص فيها «رخص في العرية بأوسق من تمر بخرصة من رطب» (٣).


(١) - وهم الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد والفقهاء السبعة، ونعني بابن ثابت في البيت الثاني أبا حنيفة النعمان. وقولنا «يره»: ضرورة شعرية.
(٢) - تقدم الحديث وتخريجه.
(٣) - أخرجه البخاري برقم ٢١٩٢، ومسلم برقم ٣٩٥٦، واللفظ للبخاري عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلا. قال موسى بن عقبة والعرايا نخلات معلومات تأتيها فتشتريها. ونقل البخاري تفسير العرايا فقال: وقال مالك العرية أن يعري الرجل الرجل النخلة ثم يتأذى بدخوله عليه فرخص له أن يشتريها منه بتمر.
وقال ابن إدريس العرية لا تكون إلا بالكيل من التمر يدا بيد لا يكون بالجزاف ومما يقويه قول سهل بن أبي حثمة بالأوسق الموسقة. وقال ابن إسحاق في حديثه عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما كانت العرايا أن يعري الرجل في ماله النخلة والنخلتين. وقال يزيد عن سفيان بن حسين العرايا نخل كانت توهب للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها رخص لهم أن يبيعوها بما شاؤوا من التمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>