للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يتنبه -فيما طالعت- باحثٌ على لزوم الوفاء بالوعد إذا كان في عقد؛ لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (المائدة: ١)، فالعقد أخرجه من مجرد الوعد، بل ذهلوا عن إيراد هذا النص هنا، وهو محله لأن الوعود التجارية تصاغ الآن في عقود، ولهذا كثر خلاف التخريج في هذه المسائل.

وتأجير الحقوق المالية كالعلامة التجارية أو الاسم التجاري أو الرخصة التجارية أو المهنية لا مانع في الشرع منه؛ لعموم (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: ٢٩)، وهذه كذلك، ولعموم (عَفَا اللَّهُ عَنْهَا) (المائدة: ١٠١) للمسائل غير المنصوص على حكمها في التحريم، ومن ادعى الحرمة فقد كلف عباد الله بلا دليل.

وأخذ مقابلٍ على الكفالة أو الضمان الأصل إباحته، والأصل عدم المانع، أما حديث «من شفع شفاعة فأخذ عوضا فهو سحت» فلا يصح، وتصحيح الألباني له ضعيف.

ولعموم (مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا) (النساء: ٨٥) والنصيب لفظ واضح يشمل الأجر والأجرة، أو العوض أو الإكرام، ولو أراد الأجرة لقال «يكن له أجر».

ثم لو سُلِّم فالكفالة والضمان ليست شفاعة، فهما خارجَ محل النزاع.

والاشتراك في شراء الخدمات هو من نوع الإجارة المباحة. هذا هو الأصل.

فدفع مشترك مقابل خدمات شركة طبية، أو خدمات طرق، أو خدمات صيانة مقابل ما يتفقان عليه من الخدمات والميزات كالفحص الدوري الصحي، أو الميكانيكي، أو إسعاف من تعطلت سيارته في مكان منقطع بالوصول إليه ونحو ذلك فهذا أصله الإباحة؛ لأنها أصبحت من عموم التجارات فشملت بعموم النص (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: ٢٩).

وأما عقود خدمات البنوك فالكلام على ما تبقى منها سيأتي بعد قليل.

وصيانة العين المستأجرة على المالك، وطروء عطل حال الإجارة يكون على المالك إلا بالتفريط الظاهر، أو ما جرى العرف والعادة التجارية على كونه على المستأجر بشرط عدم معارضة دليل ظاهر.

والأجير المشترك ضامن، وقد فصلنا هذا في الفقه الوظيفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>