للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كان في يده مال كثير لكنه لا حق له في إقامة حياته به؛ لأنه مملوك لغيره وديعة أو أمانة.

واخترنا لفظ «يقيم به حياته» لأنه مأخوذ من النص (الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً)، أي: ما تقومون به في الحياة.

ولا يقوم الإنسان إلا بمال معتبر، والمال الذي تقام به الحياة غير المال التي تقوم بها الأرزاق المعيشية والكسوة ونحوها فاستثناها الله؛ لأنها ضروريات (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) (النساء: ٥).

وقولنا «ولم يقمها لإهمال» أي: أهمله فلم يحفظه حتى هلك، أو ضاع، أو انعدمت فائدته.

وقولنا «أو إتلاف» كأن تصرف فيه بما يتلفه من الاستعمالات غير الآمنة.

وقولنا «أو إنفاق في غير نفع» وهو كل ما لا يعتبر منفعة معتبرة في الحياة.

وهي المنفعة التي وضع لها هذا النوع من المال.

وهي «قياما» أي إقامة الحياة شخصية، أو مجتمعية، أو أكثر من ذلك.

أقسام الناس في إدارة المال:

والناس في المال أربعة أقسام: فمنهم راشد أمين، ومنهم راشد غير أمين، ومنهم سفيه أمين، ومنهم سفيه غير أمين.

والخلل في إدارة الأموال يأتي من هذه الطرق.

فالرشد هو القوة والخبرة على إدارة المال، والأمانة عدم الخيانة.

وهما أُولى صفتين للتعاملات الولائية المالية (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) (القصص: ٢٦)، (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) (يوسف: ٥٥).

فالحفظ عدم الخيانة، والعلم هو الرشد وعدم السفه.

وأقبحهم السفيه غير الأمين، وأفضلهم الراشد الأمين.

ويليه الأمين غير الراشد في إدارة المال وحفظه، ويليه الخائن الراشد؛ فهذا يدير المال الذي في يده من حق غيره بالرشد لما يصلح لنفسه ولا يصلح للناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>