للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يُدْفَع مالٌ مما جعله الله قياما إلا لراشد أمين.

وأما مال السفيه نفسِه، فلا يصح أن يَعاوِضَ به مالا هو قيام للحياة؛ لأنه إيتاء للسفهاء المال الذي جعله الله لنا قياما.

فالمعاوضة مع السفيه محجورة في هذا النوع من المال؛ لأنه إيتاء.

وأما ما دون ذلك من البيع والشراء فيما جرت به الحاجات والضرورات من أكل وشرب وكسوة ونحو ذلك فلا مانع وهو مقصود في النص (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) (النساء: ٥).

وللسفيه زواج الثانية والثالثة والرابعة إلا إن كان رشده المالي يؤثر على رشده الأسري، فلا؛ لأنه ضرر متعد إلى الغير فَيُدْفَعُ، ويكتفى بواحدة تدفع الضرر ونفقته لا حجر عليه فيها بالنص (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) (النساء: ٥)، وإنما استثنيت هذه الأمور من الحجر لأنها ضروريات وحاجيات لا تستقيم الحياة إلى بها، ونفقة زوجته لا تتعدى هذه الضروريات والحاجيات فكانت بنفس المعنى.

وله الحج والعمرة تطوعا؛ لأن الإنفاق فيهما ليس من السفه.

وله الصدقة بما جرت به العادات لا بما خرج عنها مما يعتبر من عادات غير الراشد؛ لأن الصدقة من غير رشد مذمومة شرعا (وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) (الإسراء: ٢٩).

والحجر عليه هو عدم إيتائه الأموال تبرعاً أو معاوضةً أو مال نفسِه؛ بدليل منع ناظر اليتيم البالغ من دفع ماله إلا إذا انضاف إلى البلوغ الرشد (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) (النساء: ٦).

ويحق للقاضي الحجر على السفيه الذي طرأ عليه السفه وعرف به، وذلك بالرفع إليه من أوليائه (وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الأنفال: ٧٥)، وهذا عام، وهو من النصح له بحفظ ماله.

فاجتمع عليه حجران، حجر مدني ومجتمعي في عدم إيتائه أموالهم التي جعل الله لهم قياما لا بمعاوضة، ولا بتبرع. وحجر قضائي بحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>