وقولنا «حينئذ»: أي: إذا اشتراها ليدفع بها خصومة وفتنة لا لينتزعها.
فتحصل أن الغاصب:
١ - جهده هدر.
٢ - ماله المضاف هدر.
٣ - إن أمكن نزع ما غصبه بلا ضرر للمغصوب منه جاز. هذا الأصل؛ لأن إلزام المغصوب منه شيئا إجبارٌ وإكراهٌ بمعاوضة؛ وذلك لا يحل؛ فكان باطلا (لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)(النساء: ٢٩).
والتزوير وسيلة للغصب، فحرمت، وباطل ما ترتب عليها.
فحرم انتحال شخصية مؤلف وسرقة جهده، وكل ما كسبه منه المنتحل فهو للمؤلف الحقيقي، وجهده هدر بل يلزمه تعويض تعزير إن اقتضى الأمر ذلك.
وتزوير ختم ترتب عليه ضياع حق أو كسب هو في معنى الغصب.
وكذا تزوير وثائق الأملاك. ومن أخذ علامة تجارية لأحد بلا اتفاق فهو غاصب، وكل ربحه فهو للمالك، وكل ضرر ألحقه وجب تعويضه، ولا تعويض للغاصب، لأنه «ليس لعرق ظالم حق».
ولأن التعويض معاوضة تفرض على المغصوب منه بالإجبار، فبطلت (لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)(النساء: ٢٩)، إلا إن تراضوا بالصلح.
والاختلاس من المال العام أو غيره في معنى الغصب؛ لأنه أخذ لأموال الناس بالباطل ولا فرق إلا أن العرف قضى في الغصب بأنه عنوة وذاك خفية أو بحيلة.
ولكن الأثر واحد يشمله عموم (لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ)(النساء: ٢٩).
وحد الغاصب حد الفساد بالاختيار؛ لأنه مفسد في الأرض، وأقله النفي، أي الطرد، أو الحبس، مع الضمان للمغصوب وثمراته.
وكل مختلس للمال كذلك، لأنه سعى في الأرض فسادا لا إصلاحا، فإن أخذ المال بقطع الطريق فهو من أعلى الفساد في الأرض، وحده بالاختيار المصلحي أو المعادل لفعله (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ