أو المساوم المتلف فلا يلزم غير المثل المطابق بأي ثمن؛ فإن عسر وجوده، أو ليس من المثليات أجبر الطرفان على تقويم عدلين عارفين؛ لأن الشرع أرجع التقويم في إتلاف ما يحرم إتلافه إلى عدلين (وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ)(المائدة: ٩٥)، ولأن هذا قاطع للتنازع، فتعين طريقا؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
أما ما تلف في المضاربة: فإن أتلفه أجنبي فهو هنا على العامل؛ فإن أهمل العامل متابعة التضمين فهو ضامن؛ لأنه مفرط.
أما لو كان الإتلاف من جهة عامل المضاربة؛ فإن كان بتفريط فهو ضامن بلا خلاف على الأصل، وإن كان بلا تفريط كأن غرفت السفينة، أو احترق المحل، أو انقلبت الناقلة، ولا يد له في تفريط فلا ضمان عليه؛ لأن هذه من الجوائح التي يقع الابتلاء بها، فإن ظهر تفريط أو خيانة ضُمِّن، ولا يثبت ذلك إلا بالبينات العادلة.
وأما ضمان المستأجر للدار أو الأرض أو العربة أو الناقلة، وكذا كل منقول مستأجر، فالضمان فيه عند التفريط بلا خلاف؛ لأنه الأصل، ولأنه مأذون له في المنفعة بعوض لا في الإضرار بالعين ضررا فاحشا؛ فكان تعديا إلا إن جرت العادة على عدم التضمين مطلقا، أو في أمور معينة، فالعادة محكمة لأنها قائمة على التراضي المشروط عرفا (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ)(الأعراف: ١٩٩)، (وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ)(الطلاق: ٦).
وما جرت به العادات من الضرر أثناء الانتفاع فهو هدر؛ لأنه عادةً لا يمكن استيفاء المنفعة المعاوض عليها إلا بشيء من الضرر؛ فإن فحش فقد خرج عن العادة؛ فيضمن.
وكذا لو شرط في العقد الضمان فهو ضامن، لأن الشرط جزء من العقد؛ فوجب الإيفاء به (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة: ١) إلا ما لا يمكن استيفاء المنفعة إلا به.
بخلاف المضاربة، فلا يشترط ولا يصح شرط لأدائه إلى ضمان الخروج من الخسارة لصاحب رأس المال مطلقا، سواء خسر العامل أو لا، وهذا باطل؛ لأنه ضرر فاحش على العامل.
وأما ضمان الأجير المشترك أو الأجير العام فعلى الأصل أنه يضمن.
أما الأجير الخاص فلا؛ لأن يده مع يد صاحب الملك مشتركة، ولا تضمين مع اشتراك