للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا يجوز أن يكون إياها قد شذ وقوعها في موضع رفع كما شذّ في موضع جر قول العرب: مررت بإيّاك، حكاها الفراء عنهم، ثم قال: وأنشد الكسائي:

٦٥٠ - وأحسن وأجمل في أسيرك إنّه ... ضعيف ولم يأسر كإيّاك آسر (١)

انتهى (٢).

وهذه المسألة التي ذكرها أعني: فإذا هو إياها هي المسألة التي جرت بين الكسائي والفراء وبين سيبويه بحضرة هارون الرشيد وقيل: بل بحضرة يحيى بن خالد البرمكي (٣) وتسمى المسألة الزنبورية وقضيتها عجيبة. وقد أوردها الشيخ بهاء الدين ابن النحاس في تعليقه على المقرب، ومن وقف عليها عرف ما حصل من التحامل على سيبويه، وأنه كيد وغبن، نعوذ بالله من قهر الرجال (٤).

والمشهور أن سيبويه أجاب بقوله: فإذا هو هي، وأن الكوفيين قالوا: فإذا هو إياها، وهذا هو الظاهر وهو نقل البصريين، ولهذا لما ذكر المصنف فإذا هو إياها أسند ذلك إلى رواية الكوفيين، لكن قال الشيخ بعد ذكر المسألة:

«وقد اختلف القول فيها فقيل: أجاب سيبويه بقوله: فإذا هو إيّاها، وقال الكوفيون: فإذا هو هي. -


(١) البيت من بحر الطويل، وهو دعوة بالإشفاق والرحمة من الآسر للمأسور إذا كان المعنى حقيقيّا، وإذا كان مجازيّا فهو دعوة بأن يصل المحبوب حبيبه، ويرحم المعشوق عشيقه.
والشاهد فيه قوله: ولم يأسر كإياك آسر، حيث وقع ضمير النصب بعد حرف جر شذوذا كما يقع أحيانا في موضع الضمير المرفوع كقول العرب: فإذا هو يساويها.
انظر البيت في: شرح التسهيل (١/ ٣٢٥) والتذييل والتكميل (٤/ ٨٥) ومعجم الشواهد (ص ١٥٦).
(٢) شرح التسهيل: (١/ ٣٢٥) وفيه تقديم وتأخير، وبالنسخة اليتيمة في دار الكتب نقص في هذا الموضع أتي به شارحنا ووضحه.
(٣) من رجالات الدولة العباسية كان هارون الرشيد يعظمه ويناديه بأبي؛ لأن هارون كان تحت رعايته صغيرا، وقد أنجب أولادا ذاع صيتهم في دولة هارون الرشيد، وتقلدوا المناصب العظيمة منهم الفضل وجعفر ومحمد وموسى. وأبو يحيى وهو خالد كان جنديّا من جنود أبي مسلم، وكان سببا في انتصاراته. نال يحيى وأولاده مدائح الشعراء، وكان الشعراء يقصدونهم دون الخلفاء لكثرة أعطيتهم.
ومن كلام يحيى: ثلاثة أشياء تدل على عقول أربابها: الهديّة والكتاب والرّسول.
ولما نكب هارون بالبرامكة حبس يحيى وظل في سجنه حتى مات فجأة من غير علة وعمره سبعون سنة، وكان ذلك عام (١٩٠ هـ). ترجمته في وفيات الأعيان: (٦/ ٢١٩).
(٤) انظر المسألة بالتفصيل في أمهات كتب النحو فهي مشهورة هناك: المغني (١/ ٨٨)، التذييل والتكميل (٤/ ٨٥). الإنصاف في مسائل الخلاف (٢/ ٧٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>