للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حكى سيبويه (١): «ليس خلق الله مثله». واحتج صاحب هذا المذهب بأن الفعل الذي يقع خبرا إذا كان ماضيا لم يحتج إلى كان وأخواتها لأنها إنما دخلت على الجمل لتدل على الزمان فإذا كان الخبر يعطي الزمان لم يحتج إليها وكان ذكرها فضلة. ألا ترى أنك إذا قلت: زيد قام كان المفهوم منه ومن كان زيد قام واحدا فإن جاء شيء من ذلك فهو على إضمار قد لأنها تقرب الماضي من الحال فإذا قلت: كان زيد قد قام فكأنك قلت: كان زيد يقوم.

والصحيح (٢) عندي أن هذه الأفعال تنقسم ثلاثة أقسام:

قسم يجوز ذلك فيه باتفاق وهو ليس.

وقسم يمتنع فيه وهو ما زال وما انفك وما فتئ وما برح وما دام. وذلك أن هذه الأفعال تعطي الدوام على الفعل، واتصاله بزمن الإخبار، والأفعال الماضية تعاطي الانقطاع فتدافعا (٣) وما بقي فيه خلاف. فمنهم من منع لما ذكرنا ومنهم من أجاز.

وحجة المجيز: أنك إذا قلت: أصبح زيد قام وأمسى زيد خرج؛ أعطى ذلك من المعنى ما لم يعط زيد قام وزيد خرج، ألا ترى أن قام وخرج لا يعطيان أكثر من المعنى وأمسى وأصبح يعطيان المعنى [٢/ ١٤] مع أن ذلك في مساء أو صباح وكذلك سائر أخواتها إلا كان فإنها لا تعطي معنى زائدا أكثر من التأكيد والتأكيد في كلامهم كثير وهو أولى من إضمار حروف المعاني لقلة ذلك في كلامهم» انتهى (٤).

وقد طابق كلامه كلام المصنف إلا في أمرين:

أحدهما: أنه لم يذكر صار مع الأفعال التي ذكرها ولا بد من ذلك كما فعل المصنف.

الآخر: أن (٥) المصنف قيد ليس إذا وقع خبرها فعلا ماضيا يكون اسمها ضمير الشأن. وكلام ابن عصفور مطلق في ذلك (٦) والظاهر ما قاله المصنف. -


(١) كتاب سيبويه (١/ ١٤٧) ونصه فيه: ليس خلق الله أشعر منه. وسيأتي في هذا التحقيق.
(٢) الكلام ما زال لابن عصفور (شرح الجمل: ١/ ٣٦٤).
(٣) معناه فتناقضا واختلف المراد.
(٤) أي كلام ابن عصفور (انظر المرجع السابق).
(٥) في نسخة (ب): أن ذلك المصنف.
(٦) حيث يقول: واختلف في وقوع الماضي بغير قد موقع أخبار هذه الأفعال إذا كانت ماضية، فمنهم -

<<  <  ج: ص:  >  >>