للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هذا الباب: غدا وراح (١)، وقد يستشهد على ذلك بقول ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: «اغد عالما أو متعلّما ولا تكن إمّعة». ويقول النبي صلّى الله عليه وسلّم «لو توكلتم على الله حقّ توكّله لرزقكم كما يرزق الطّير تغدو خماصا وتروح بطانا» (٢).

والصحيح أنهما ليسا من الباب وإنما المنصوب بعدهما حال إذ لا يوجد إلا نكرة (٣).

وذكر الفراء في كتاب الحدود: أن أسحر وأفجر وأظهر مساوية لأصبح وأمسى وأضحى ولم يذكر على ذلك شاهدا (٤). انتهى (٥).

وقد ألحق الكوفيون بأفعال هذا الباب ثلاثة أشياء:

أحدها: مررت: إذا لم يرد به المرور الذي هو انتقال الخطا، بل تكون بمنزلة كان وذلك نحو قولك: مررت بهذا الأمر صحيحا أي كان هذا الأمر صحيحا عندي.

الثاني: الفعل المكرر: في قولك لئن ضربته لتضربنه الكريم ولئن أكرمته لتكرمنه العاقل فجعلوا الكريم والعاقل وأمثالهما منتصبة على أنها أفعال للفعل المكرر. -


(١) قال الزمخشري في المفصل (ص ٢٦٣): وممّا يجوز أن يلحق بكان عاد وآض وغدا وراح وقد جاء جاء بمعنى صار ونظيره قعد. وعند تفسير قوله تعالى: وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ [سورة ن: ٢٥] ذكر أن قوله: على حرد خبر غدا وليس بصلة قادرين وعليه فقادرين حال وقال إن معنى الآية: وغدوا حاصلين على الحرمان مكان الانتفاع قادرين على ما عرفوا عليه من حرمان المساكين. (تفسير الكشاف: ٤/ ١٤٤).
(٢) الحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل (١/ ٣٠، ٥٢) ونصه مرويّا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لو أنكم توكلتم على الله ..» إلخ.
وهو أيضا في سنن ابن ماجه (٢/ ١٣٩٤) في كتاب الزهد باب التوكل واليقين مرويّا عن عمر أيضا وكذلك في سنن الترمذي (٤/ ٥٧٣) في كتاب الزهد باب التوكل على الله ونصه: «لو أنكم كنتم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا».
(٣) قال الرضي (شرح الكافية: ٢/ ٢٩٢): ونقص ابن مالك من أخوات أصبح غدا وراح وقال هما تامان. ثم قال الرضي: وأقول: «إن كان غدا بمعنى مشى في الغداة أو دخل فيها، وكذلك راح بمعنى رجع في الرواح وهو ما بعد الزّوال إلى الليل فلا ريب في تمامهما.
وإن كان بمعنى يكون في الغداة والرواح فلا منع إذن من كونهما ناقصتين». ثم مثل لكلّ.
(٤) انظر في رأي الفراء: التذييل والتكميل (٤/ ١٦٧) والهمع (١/ ١١٢)، ولم تذكر كتب اللغة شاهدا على ورود هذه الأفعال ناقصة:
ففي لسان العرب (سحر): أسحر القوم صاروا في السحر كقولك أصبحوا وأسحروا واستحروا خرجوا في السحر واستحرنا أي صرنا في ذلك الوقت. وفي مادة (ظهر): يقال أظهرت يا رجل إذا دخلت في حد الظهر وأظهرنا دخلنا في وقت الظهر كأصبحنا وأمسينا في الصباح والمساء. وبذلك يظهر لنا أن هذه الأفعال تستعمل تامة فقط.
(٥) شرح التسهيل (١/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>