للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثم إن هذا الحكم غير مختص بكان وأخواتها بل كل عامل لا يجوز أن يليه معمول غيره دون معموله، تقول: جاء زيد راكبا فرسا، ولا يجوز أن تقول: جاء فرسا زيد راكبا ولا جاء فرسا راكبا زيد ومن ثم لم يفرق سيبويه في المنع بين كان طعامك زيد آكلا وكان طعامك آكلا زيد (١) وكان مذهبه في ذلك هو الصحيح.

والذي فرق بين المسألتين فأجاز الثانية دون الأولى الفارسي وابن السراج (٢) وتبعهما ابن عصفور، قال: «لأنّ المعمول من كمال الخبر وكالجزء منه فأنت إذا إنّما أوليتها الخبر وهو الصّحيح» انتهى (٣).

ورد هذا القول بأن الذي ادعوه ليس مسموعا فأورد بأن قيل إذا كان السماع لم يرد بالمسألة عينها فقد ورد بمثلها قال الله تعالى: سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ (٤) وقال تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً (٥) ومنه قول الشاعر:

٧٨٣ - فدارت رحانا بفرسانهم ... فعادوا كأن لم يكونوا رميما (٦)

فأولى يوم القيامة ما بخلوا به، وأبدا مات، ورميما يكونوا، وليست معمولات لما وليته.

وأجيب عن هذا الإيراد: بأن جميع ذلك ليس بمنزلة كان طعامك آكلا زيد لأنك لم تولها الفعل إنما أوليتها الفاعل وهو الضمير الذي في بخلوا ومات ويكونوا. -


(١) انظر الكتاب (١/ ٧٠) وقد نقلناه قريبا. يقول: لو قلت كانت زيد الحمّى تأخذ أو تأخذ الحمّى لم يجز وكان قبيحا. وإنما كان ذلك قبيحا في الأمثلة كلها لإيلاء كان معمول الخبر وهو لا يجوز كما سيذكره.
(٢) التذييل والتكميل (٤/ ٢٣٩) والتصريح (١/ ١٨٩).
(٣) شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٣٧٨).
(٤) سورة آل عمران: ١٨٠. وشاهدها أن يوم القيامة متعلق بالفعل: سيطوّقون وقد ولي فعلا غيره كما يرى من أورده.
(٥) سورة التوبة: ٨٤ وشاهدها أيضا أن أبدا متعلق بالفعل: لا تصلّ وقد ولي فعلا غيره.
(٦) البيت من بحر المتقارب وهو مما وقفت على قائله وقصيدته:
أما قائله: فهو ربيعة بن مقروم بن قيس بن جابر شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام وشهد القادسية وغيرها من الفتوح (خزانة الأدب: ٨/ ٤٣٨).
وأما قصيدته فهي طويلة تبدأ بالغزل وتنتهي بالفخر بالشجاعة والانتصار في الحرب.
وبيت الشاهد من هذا النوع وهي في المفضليات (٢/ ٦٨٠). وقبل بيت الشاهد قوله:
وساقت لنا مذحج بالكلاب ... مواليها كلّها والصّميما
وشاهده قوله: كأن لم يكونوا رميما حيث جاءت رميما وهي حال والية ليكونوا وهي ليست عاملة فيها وإنما العامل هو الفعل عادوا فدل على أنه يجوز أن يلي المعمول غير عامله وقد أجاب عليه الشارح في الشرح.
والبيت في التذييل والتكميل (٢/ ٤٤١) وفي الأمالي لأبي علي (١/ ٣٠) وليس في معجم الشواهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>