للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

منهما في وقت غير وقت الآخر (١)، والتقدير: فذبحوها بعد أن كانوا بعداء من ذبحها غير مقاربين له، وهذا واضح.

وقد يكون نفيها إعلاما ببطء الوقوع، والثبوت حاصل كقوله تعالى: فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (٢) أي يفقهون ببطء وعسر.

وقال في شرح التسهيل: وزعم قوم أن كاد ويكاد إذا دخل عليهما نفي فالخبر مثبت وإذا لم يدخل عليهما نفي فالخبر منفي، والصحيح أن إثباتهما إثبات للمقاربة، ونفيهما نفي للمقاربة، فإذا قيل: كاد فلان يموت فمقاربة الموت ثابتة، وإذا قيل: لم يكد يموت فمقاربة الموت منفية ويلزم من نفي مقاربة الموت نفي وقوعه بزيادة المبالغة كأن قائلا قال: كاد فلان يموت فرد عليه بأن قيل لم يكد يموت، وقولك لم يكد يموت أبلغ في إثبات الحياة من قولك لم يمت، ولهذا قيل في قوله تعالى: إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها (٣) أن معناه لم يرها ولم يقارب أن يراها وفي قوله تعالى يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ (٤) أن معناه لا يسيغه ولا يقارب إساغته، وقد يقول القائل: لم يكد زيد يفعل، ويكون مراده أنه فعل بعسر لا بسهولة وهو خلاف الظاهر الذي وضع له اللفظ ولإمكان هذا رجع ذو الرمة في قوله:

٩٠٠ - إذا غيّر النّأي المحبّين ... ... ... البيت (٥)

إلى أن بدّل يكد بيجد وإن كان في يكد من المبالغة والجزالة ما ليس في يجد.

وأما قوله تعالى: فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ [البقرة: ٧١] فمحمول على وقتين، وقت عدم الذبح ووقت وقوع الذبح كما يقول القائل: خلص فلان وما كاد يخلص. انتهى [٢/ ٨٨].

وهو كلام حسن منقح ليس فيه إلا قوله: إنّ «كاد» قد تنفي إعلاما بوقوع العمل عسيرا فإنه خلاف الظاهر كما قال رحمه الله تعالى، وقد قيل إنه رأي -


(١) خرج الصبان قول المصنف هنا «فكلام يتضمن كلامين إلخ» فقال: إنما جعله كلاما واحدا، لأن قوله «وما كادوا يفعلون» حال من فاعل «فذبحوها» فيكون المجموع جملة واحدة، وقوله «كل واحد منهما إلخ» أي ولا تناقض بين انتفاء الشيء في وقت وثبوته في وقت آخر. اه. حاشية الصبان (١/ ٢٦٩)، وينظر حاشية الخضري (١/ ١٢٥).
(٢) سورة النساء: ٧٨.
(٣) سورة النور: ٤٠.
(٤) سورة إبراهيم: ١٧.
(٥) البيت سبق الحديث عنه والاستشهاد به قريبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>