للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فكم للعرب من مقدر لا يلفظ به.

ومنها: أنهم قالوا: والله إنك ذاهب بفتح «إنّ» وكسرها، فقال ابن هشام [٢/ ١١٤]: إذا كسرت جعلتها جواب القسم (١) وأما إذا فتحت، فقدره سيبويه:

أعلم والله أنك ذاهب (٢)، وقدره الفراء وأبو العباس وجماعة: أحلف بالله على أنك ذاهب، أي على ذهابك (٣)، وقالت العرب أيضا: «شد ما أنك ذاهب» و «عزّ ما أنك منطلق (٤)»، فقال الصفار: الكسر هنا لا يجوز لأن شدّ وعزّ فعلان، وما بعدهما في موضع الفاعل، و «ما» زائدة، والمعنى: عز ذهابك أي قلّ وشقّ وشدّ وكذلك أي شق، لأن الشيء إذا شدّ فقد شقّ ويجوز أن يكون «ما» تمييزا. وضمن «شدّ» معنى المدح وأنك ذاهب خبر مبتدأ كأنه يريد أنّ المبتدأ المحذوف الذي هذا خبره هو المخصوص بالمدح. قال: ويظهر من الخليل أن شدّ ما بمنزلة «حقّا» (٥) ركب الفعل مع الحرف وانتصب ظرفا، والمعنى عزيزا ذهابك، وشديدا أي فيما يشقّ (٦).

ومنها: أن «جرم» كلمة اختلف فيها، فقال سيبويه: قال الله تعالى:

لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ (٧) عملت لأنها فعل، ومعناها: لقد حق أن لهم النار، ولقد استحق أن لهم النار. وزعم الخليل أن «جرم» إنما تكون جوابا لما قبلها من الكلام يقول الرجل: كان كذا وكذا وفعلوه كذا وكذا، فتقول: لا جرم أنهم سيندمون أو سيكون كذا وكذا (٨). انتهى كلام سيبويه. قال الشيخ: «فإن» بعد جرم في موضع الفاعل بها، والوقف على «لا» عند سيبويه، ولا يجوز أن توصل «بجرم» لأنها ليست لنفي جرم. وذهب الفراء إلى أن جرم بمعنى كسب (٩). قال:

وركبت «لا» مع «جرم» وصارت بمنزلة «لا بدّ» و «لا محالة» والتركيب يحدث -


(١) ينظر أوضح المسالك (١/ ٨٩ - ٩٠).
(٢) الكتاب (٣/ ١٢٢).
(٣) ينظر المقتضب (٤/ ١٠٧)، والهمع (١/ ١٣٧).
(٤) ينظر الكتاب (٣/ ١٣٩)، والأصول لابن السراج (١/ ٣٣).
(٥) ينظر الكتاب (٣/ ١٣٩)، حيث ذكر سيبويه أنه سأل الخليل عن: شدّ ما أنك ذاهب وعزّ ما أنك ذاهب فقال: هذا بمنزلة حقّا أنك ذاهب. اه.
(٦) ينظر قول الصفار في التذييل (٢/ ٦٩٦).
(٧) سورة النحل: ٦٢.
(٨) الكتاب (٣/ ١٣٨).
(٩) معاني القرآن للفراء (٢/ ٨ - ٩)، وينظر شرح الكافية للرضي (٢/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>