للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونبهت في هذا الباب على ورود «إنّ» بمعنى نعم ليعلم بها، فتعامل بما تعامل «نعم» من عدم الاختصاص وعدم الإعمال وجواز الوقف عليها (١)، ومذهب البصريين أن «إنّ» قد تخفف فيقال فيها «إن» ويبطل اختصاصها بالاسم ويجوز عندهم إعمالها إذا وليها اسم، وعلى ذلك يحملون قوله تعالى وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ (٢) في رواية نافع وابن كثير (٣)، وإهمالها أكثر (٤)، كقوله تعالى: وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٥) وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا (٦)، إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٧) ومذهبهم أن اللام التي بعد «إن» هذه هي التي كانت مع الشديدة إلا أنها مع التخفيف والإهمال تلزم فارقة بين المخففة والنافية، ولا تلزم مع الإعمال لعدم الالتباس (٨)، وكذلك لا تلزم مع الإهمال في موضع لا يصلح للنفي كقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «وأيم الله لقد كان خليقا للإمارة وإن كان لمن أحبّ النّاس إليّ» (٩) وكقول معاوية في كعب الأحبار رضي الله عنه وإن كان من أصدق هؤلاء أخرجهما البخاري، ومثله ما حكى ابن جني في المحتسب من قراءة أبي رجاء (وإن كلّ ذلك لما متاع الحياة الدّنيا) (١٠) بكسر اللام وتخفيف الميم على معنى: وإن كلّ ذلك للذي هو متاع الحياة الدنيا (١١) ومثل ذلك قول الطرماح (١٢): -


(١) راجع في «نعم» رصف المباني (٣٦٤)، والمغني (٢/ ٣٤٥)، والهمع (٢/ ٧٦)، وأمالي السهيلي (٤٤ - ٤٦).
(٢) سورة هود: ١١١، وزاد في نسخة (ب) (ربك أعمالهم).
(٣) ينظر معاني القرآن للأخفش (٢/ ٢٣٧)، (٢/ ٢٥٩)، والإتحاف (٢٦٠)، وشرح طيبة النشر (٣١٧).
(٤) ينظر شرح المفصل لابن يعيش (٨/ ٧١ - ٧٢)، وابن الناظم (٦٨)، وعمدة الحافظ (١٣٦).
(٥) سورة يس: ٣٢.
(٦) سورة الزخرف: ٣٥.
(٧) سورة الطارق: ٤.
(٨) ينظر الكتاب (٢/ ١٣٩)، والمسائل المنثورة للفارسي (٩٦)، وشرح الألفية للمرادي (١/ ٣٥١).
(٩) حديث شريف أخرجه البخاري في باب مناقب زيد بن حارثة مولى النبي صلّى الله عليه وسلّم (٢/ ٣٠٣) بحاشية السندي، والحديث بتمامه: إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان خليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده.
(١٠) سورة الزخرف: ٣٥.
(١١) المحتسب (٢/ ٢٥٥).
(١٢) هو الحكم بن حكيم وكنيته أبو نقر، والطرماح أي الطويل وهو شاعر طائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>